اتبعوا الباطل : الشرك أو الشيطان .
اتبعوا الحق : التوحيد والقرآن .
يضرب الله للناس أمثالهم : يبين لهم مآل أعمالهم ، وما يصيرون إليه في ميعادهم .
3- { ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم } .
ذلك الجزاء العادل بإكرام المؤمنين ، وعقوبة الكافرين ، سببه أن الذين كفروا ساروا وراء الباطل والكفر والإعراض عن القرآن وهدايته ، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم وبيانه ، والعقل الإنساني وحكمته ، بينما نجد أن الذين آمنوا اتبعوا الحق والعدل ، وهدى القرآن ، وبيان محمد صلى الله عليه وسلم ، فاستحق الكفار النار ، واستحق المؤمنون التوفيق في الدنيا ، والجنة في الآخرة .
{ كذلك يضرب الله للناس أمثالهم } .
مثل ذلك البيان الرائع ، يبين الله للناس أحوال الفريقين ، الجارية مجرى الأمثال في الغرابة ، ويظهر مآل أعمالهم ، وما يصيرون إليه في ميعادهم .
( وضرب المثل في الآية هو أن الله جعل إتباع الباطل مثلا لعمل الكفار ، وإتباع الحق مثلا لعمل المؤمنين )2 .
{ ذلك } إشارة إلى ما مر من الاضلال والتكفير والاصلاح وهو مبتدأ خبره قوله تعالى : { بِأَنَّ الذين كَفَرُواْ اتبعوا الباطل وَأَنَّ الذين ءامَنُواْ اتبعوا الحق مِن رَّبّهِمْ } أي ذلك كائن بسبب اتباع الأولين الباطل واتباع الآخرين الحق ؛ والمراد بالحق والباطل معناهما المشهور .
وأخرج ابن المنذر . وغيره عن مجاهد تفسير { الباطل } بالشيطان . وفي البحر . قال مجاهد : الباطل الشيطان وكل ما يأمر به و { الحق } هو الرسول والشرع ، وقيل : الباطل ما لا ينتفع به ، وجوز الزمخشري كون ذلك خبر مبتدأ محذوف و { بِأَنَّ } الخ في محل نصب على الحال ، والتقدير الأمر ذلك أي كما ذكر ملتبساً بهذا السبب .
والعامل في الحال أما معنى الإشارة وأما نحو أثبته وأحقه فإن الجملة تدل على ذلك لأنه مضمون كل خبر وتعقبه أبو حيان بأن فيه ارتكاباً للحذف من غير داع له ، والجار والمجرور أعني { مّن رَّبّهِمُ } في موضع الحال على كل حال ، والكلام أعني قوله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّ } إلى قوله سبحانه : { مّن رَّبّهِمُ } تصريح بما أشعر به الكلام السابق من السببية لما فيه من البناء على الموصول ، ويسميه علماء البيان التفسير ، ونظيره ما أنشده الزمخشري لنفسه :
به فجع الفرسان فوق خيولهم *** كما فجعت تحت الستور العواتق
تساقط من أيديهم البيض حيرة *** وزعزع عن أجيادهن المخانق
فإن فيه تفسيراً على طريق اللف والنشر كما في الآية وهو من محاسن الكلام { كذلك } أي مثل ذلك الضرب البديع { يَضْرِبُ الله } أي يبين للنصاس } أي لأجلهم { أمثالهم } أي أحوال الفريقين المؤمنين والكافرين وأوصافهما الجارية في الغرابة مجرى الأمثال ، وهي اتباع المؤمنين الحق وفوزهم وفلاحهم ، واتباع الكافرين الباطل وخيبتهم وخسرانهم ، وجوز أن يراد بضرب الأمثال التمثيل والتشبيه بأن جعل سبحانه اتباع الباطل مثلا لعمل الكفار والاضلال مثلا لخيبتهم واتباع الحق مثلاً لعمل المؤمنين وتكفير السيآت مثلا لفوزهم والإشارة بذلك لما تضمنه الكلام السابق ، وجوز كون ضمير { أمثالهم } للناس .
{ اتبعوا الْحَقُّ } الذي هو الصدق واليقين ، وما اشتمل عليه هذا القرآن العظيم ، الصادر { مِنْ رَبِّهِمْ } الذي رباهم بنعمته ، ودبرهم بلطفه فرباهم تعالى بالحق فاتبعوه ، فصلحت أمورهم ، فلما كانت الغاية المقصودة لهم ، متعلقة بالحق المنسوب إلى الله الباقي الحق المبين ، كانت الوسيلة صالحة باقية ، باقيا ثوابها .
{ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } حيث بين لهم تعالى أهل الخير وأهل الشر ، وذكر لكل منهم صفة يعرفون بها ويتميزون { ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.