ظلل : طبقات كثيرة من النار فوقهم كهيئة الظلل ، جمع ظلّة ، وأصلها : السحابة تظلّ ما تحتها .
ومن تحتهم ظلل : ومن تحتهم طبقات من النار ، والمراد أن النار محيطة بهم إحاطة تامة من جميع الجوانب .
16- { لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون } .
هؤلاء الخاسرون تمام الخسارة ، يعذّبون بين صفائح جهنم ، فالنار تظللهم من فوقهم ، تهكما بهم ، فالأصل أن الإنسان يتظلل بالمظلة والشجرة ، والسحابة الواقية من الحر وشدّته ، وهؤلاء تظلّهم طبقات جهنم من فوقهم ، وطبقات جهنم من تحتهم ، وسمَّى ما تحتهم ظللا ، مشاكلة من فوقهم ، أو لأن ما تحتهم من طبقات النار ، يظلل فئة أخرى تعذّب تحتهم ، فينظر الإنسان فوقه فلا يجد إلا النار ، وتحته فلا يجد إلا النار ، كما أن النار تحيط به عن يمينه وعن شماله ، وعن سائر الجهات التي حوله .
قال تعالى : { يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون } . ( العنكبوت : 55 ) .
وقال تعالى : { لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين } . ( الأعراف : 41 )
{ ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون } .
أي : ذلك العذاب الشديد الذي ذكره الله عقوبة للخاسرين الكافرين ، مما يحذّر الله به عباده ، ويخوّفهم من هذه النهاية البائسة ، ويضع أمامهم هذا المنظر الرهيب ، منظر إنسان قد خسر نفسه ، وخسر أهله ، وهو يعذّب بين طبقات النار ، ولا يجد وسيلة للهرب أو الفرار ، يا عباد – أي يا كل عبادي – خافوا عذابي واتقوا غضبي ، وسيروا في طاعتي ، وابتعدوا عن الكفر والشرك ، والمراد بالفقرة الأخيرة : المؤمنون ، لأنهم هم المنتفعون بهذا التوجيه ، وعممه آخرون في المؤمن والكافر ، أي : يا كل من يتأتى منه العبودية لله ، اتقوا غضبي وعذابي ، وقيل : هو خاص بالكفار . ا ه .
والأولى أن يقال : إنه خطاب عام للناس كلِّ الناس ، وللعباد كل العباد بأن يتقوا الله ويراقبوه .
وقوله تعالى : { لَهُمْ مّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مّنَ النار } إلى آخره نوع بيان لخسرانهم بعد تهويله بطريق الإبهام على أن { لَهُمْ } خبر لظلل و { مِنْ } فوقهم متعلق بمحذوف حال من ضميرها في الظرف المقدم لا منها نفسها لضعف الحال من المبتدأ ، وجعلها فاعل الظرف حينئذٍ اتباع لنظر الأخفش وهو ضعيف ، و { مِنَ النار } صفة لظلل .
والكلام جار مجرى التهكم بهم ولذا قيل لهم وعبر عما علاهم من النار بالظلل أي لهم كائنة من فوقهم ظلل كثيرة متراكمة بعضها فوق بعض كائنة من النار { وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } كائنة من النار أيضاً ، والمراد أطباق كثيرة منها وتسميتها ظللاً من باب المشاكلة . وقيل هي ظلل لمن تحتهم في طبقة أخرى من طبقات النار ولا يطرد في أهل الطبقة الأخيرة من هؤلاء الخاسرين إلا أن يقال : إنها للشياطين ونحوهم مما لا ذكر لهم هنا ، وقيل : إن ما تحتهم يلتهب ويتصاعد منه شيء حتى يكون ظلة فسمي ظلة باعتبار ما آل إليه أخيراً وليس بذاك ، والمراد أن النار محيطة بهم { ذلك } العذاب الفظيع { يُخَوّفُ الله بِهِ عِبَادَهُ } يذكره سبحانه لهم بآيات الوعيد ليخافوا فيجتنبوا ما يوقعهم فيه ، وخص بعضهم العباد بالمؤمنين لأنهم المنفعون بالتخويف وعمم آخرون .
وكذا في قوله سبحانه : { قَلِيلاً وإياي فاتقون } ولا تتعرضوا لما يوجب سخطي ، ويختلف المراد بالأمر على الوجهين كما لا يخفى ، وهذه عظة من الله جل جلاله وعم نواله منطوية على غاية اللطف والرحمة . وقرئ { فِى عِبَادِي } بالياء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.