تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

17

المفردات :

درجات : منازل ، واحدها درجة ، وهي المنزلة .

التفسير :

19- { ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون } .

تحدثت آيات سابقة عن نموذج جيد لرجل مؤمن بلغ أربعين سنة ، طلب من الله التوفيق للشكر وللعمل الصالح ، وطلب منه توفيق ذريته للصلاح ، ووعد بالتوبة والدخول في زمرة المسلمين ، ثم تحدثت الآيتان ( 17 ، 18 ) من سورة الأحقاف ، عن نموذج رديء منكر للبعث والحشر والجزاء ، مستحق لدخول جهنم .

وهما نموذجان ظاهران :

الأول : مثل أعلى للإيمان والدعاء .

الثاني : مثل رديء للكفر والضلال ، وسَوْق الحجج الزائفة .

وفي هذه الآية رقم 19 بيان أن الجنة درجات بعضها فوق بعض ، ولكل عامل درجة مناسبة لعمله ، وأن للنار دركات في شدة العذاب والسعير ، ولكل كافر جزاء مناسب لكفره وجحوده ، وسيملأ الله الجنة بالعدل والقسطاس ، وسيملأ الله النار بالعدل والقسطاس ، وسيلقى كل عامل جزاء عمله بلا ظلم .

قال تعالى : { إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما } . ( النساء : 40 ) .

وقال عز شأنه : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } . ( الزلزلة : 7 ، 8 ) .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

{ وَلِكُلّ } من الفريقين المذكورين في قوله تعالى : { أُوْلَئِكَ الذين نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ } [ الأحقاف : 16 ] وفي قوله سبحانه : { أُوْلَئِكَ الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول } [ الأحقاف : 18 ] وإن شئت فقل في { الذين قالوا ربنا الله } [ الأحقاف : 13 ] و { الذي قال لوالديه أف } [ الأحقاف : 17 ] { درجات مّمَّا عَمِلُواْ } أي من جزاء ما عملوا ، فالكلام بتقدير مضاف ، والجار والمجرور صفة { درجات } و { مِنْ } بيانية أو ابتدائية و { مَا } موصولة أي من الذي عملوه من الخير والشر أو مصدرية أي من عملهم الخير والشر ، ويجوز أن تكون { مِنْ } تعليلية بدون تقدير مضاف والجار والمجرور كما تقدم . والدرجات جمع درجة وهي نحو المنزلة لكن يقال للمنزلة درجة إذا اعتبرت بالصعود ودركاً إذا اعتبرت بالحدور ، ولهذا قيل : درجات الجنة ودركات النار .

/ والتعبير بالدرجات كما قال غير واحد على وجه التغليب لاشتمال { كُلٌّ } على الفريقين أي لكل منازل ومراتب سواء كانت درجات أو دركات ، وإنما غلب أصحاب الدرجات لأنهم الأحقاء به لاسيما ، وقد ذكر جزاؤهم مراراً وجزاء المقابل مرة { وَلِيُوَفّيَهُمْ أعمالهم } أي جزاء أعمالهم والفاعل ضميره تعالى . وقرأ الأعمش . والأعرج . وشيبة . وأبو جعفر . والأخوان . وابن ذكوان . ونافع بخلاف عنه { *لنوفيهم } بنون العظمة ، وقرأ السلمي بتاء فوقية على الإسناد للدرجات مجازاً { كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } بنقص ثواب وزيادة عقاب ، وقد مر الكلام في مثله غير مرة ، والجملة حال مؤكدة للتوفية أو استئناف مقرر لها ، واللام متعلقة بمحذوف مؤخر كأنه قيل : وليوفيهم أعمالهم ولا يظلمهم فعل ما فعل من تقدير إلا جزية على مقادير أعمالهم فجعل الثواب درجات والعقاب دركات .