{ الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون( 4 ) يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون( 5 ) }
في ستة أيام : في ست مراحل من مراحل الخلق والتكوين تقدر عند العلماء ب6 مليارا سنة ولم تكن مثل أيام الدنيا حيث لم يكن في ذلك الوقت شمس أو قمر .
على العرش : العرش أعظم المخلوقات وهو لغة : سرير الملك والمقصود قام وحده بملك كل شيء وتدبير سماواته وأرضه بعد خلقهما .
{ الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون }
الله تعالى هو الذي خلق السماوات وما فيها من أفلاك وأبراج وأملاك وشموس أقمار ونظام بديع مرت عليه ملايين السنين دون أن يصيبه خلل أو اضطراب وكذلك خلق الأرض وما فيها من جبال وبحار وأنهار وليل ونهار ورياح وفضاء وهواء .
من فضاء وهواء وكائنات لا يحيط بحقائقها إلا الله الواحد القهار .
في ست مراحل من مراحل الخلق والتكوين حيث كان الكون كرة ملتهبة ، مرت بها مراحل متعددة لتنفصل السماء وترتفع وتنفصل الأرض وتنبسط ويكون بينهما خلق وسيط من الفضاء والهواء وقد مرت ستة ملايين سنة على خلق هذا الكون حتى صار صالحا للحياة . iii
تلك الأيام الستة قد تكون ستة أطوار مرت بها السماوات والأرض وما بينهما حتى انتهت إلى ما هي عليه أو ست مراحل في النشأة والتكوين أو ستة أدهار لا يعلم ما بين أحدها والآخر إلا الله .
وهي على أية حال شيء آخر غير الأيام الأرضية التي تعارف عليها أبناء الفناء فلنأخذها كما هي غيبا من غيب الله لا سبيل إلى معرفته على وجه التحديد .
إنما يقصد التعبير إلى تقرير التدبير والتقدير في الخلق وفق حكمة الله وعلمه وإحسانه لكل شيء خلقه في الزمن والمراحل والأطوار المقدرة لهذا الخلق العظيم . أه .
{ ثم استوى على العرش . . . . }
ثم استولى على ملك الأشياء ودبر ملكه بعد تمام خلقه لم يعنه في ذلك أحد ولم يحتج إلى نصير أو شريك فقدروا قدرته واشكروا نعمته .
{ ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع . . . }
إنه سبحانه وتعالى المالك للكون والمدبر له وهو الإله الواحد فاقصدوه واعبدوه فمن ترك عبادته لا ينفعه ناصر وينصره ولا وسيط يشفع له أو يدفع عنه عذابه أو يجيره من بأسه .
وتذكر هذه الحقيقة يرد القلب إلى الإقرار بالله والالتجاء إليه وحده دون سواه .
قوله تعالى : { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ ( 4 ) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ( 5 ) ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( 6 ) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ ( 7 ) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ ( 8 ) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ } .
يخبر الله عن بالغ قدرته وعظيم سلطانه ومشيئته ؛ إذ خلق السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما من الكائنات والأجرام وما يربط ذلك كله من قوانين كونية في غاية الدقة والإحكام . وذلكم هو خلق الله الواسع الهائل المديد الذي تعجز الأذهان عن تصور مداه ؛ لفرط عظمته وسعته ، وكثرة ما فيه من عجائب وأحداث وأشياء .
لقد خلق الله ذلك كله في ستة أيام { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } { اسْتَوَى } بمعنى قصد : وقيل : استولى {[3672]} أي استولى على العرش بإحداثه .
قوله : { مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ } ينذر الله عباده ؛ إذ يحذرهم عصيانه ومخالفة أمره ؛ فهم إن كذبوا رسوله ونكلوا عن عبادة الله وحده وعن اتباع منهجه الحكيم فلن يجدوا من دونه { ولي } أي ناصرا ينصرهم من دونه { وَلا شَفِيعٍ } من الشفع ، بمعنى الضم{[3673]} أي ليس من أحد يضم جاهه ومكانته إليكم لينفعكم أو يدفع عنكم البلاء والشدة وأنتم مجموعون ليوم القيامة . وإنما الله وحده الخالق المدبر المقتدر ، وهو الناصر والقاهر والمعز ، وليس من أحد يشفع عنده يوم القيامة إلا بإذنه .
قوله : { أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ } أفلا تتدبرون ما أنزل الله إليكم من الحجج والبينات فتتعظوا وتزدجروا عن الإشراك بالله واتخاذ الآلهة المصطنعة من دونه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.