فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِيّٖ وَلَا شَفِيعٍۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} (4)

{ استوى } علا .

{ العرش } أعظم مخلوقات الله تعالى .

{ ولي } متول لأموركم .

{ شفيع } من يعمل على نيلك الخير ، وسلامتك من الشر .

{ الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون4 يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون5 ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم6 الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين 7 ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين8 ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون9 }

المعبود بحق ، منزل الكتاب بالصدق ، هو الذي خلق السماوات والأرض في مدة تقدرونها بستة أيام ، أو فيما مدته وتقديره ستة أيام ، ثم استوى على العرش ، ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة ، - وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته- وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته{[3496]} ، ليس لكم من دون الله من يتولى أمركم ، ولا من يشفع لكم ، أفلا تتفكرون في قدرته ، فتذعنون لأمره ، وتستجيبون لداعيه ورسالته ؟ ! أتسمعون هذه المواعظ فلا تتذكرون بها ؟ !


[3496]:مما أورد صاحب[الجامع لأحكام القرآن..]: هذه مسألة الاستواء.. وقد بينا أقوال العلماء فيها في [الكتاب الأسني في شرح أسماء الله الحسنى..] وذكرنا فيها هناك أربعة عشر قولا، والأكثر من المتقدمين والمتأخرين أنه إذا وجب تنزيه الباري سبحانه عن الجهة والتحيز فمن ضرورة ذلك ولواحقه اللازمة عليه عند عامة العلماء المتقدمين وقادتهم من المتأخرين تنزيهه تبارك وتعالى عن الجهة... هذا قول المتكلمين.. قال مالك – رحمه الله- الاستواء معلوم- يعني في اللغة – والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة، وكذا قالت أم سلمة رضي الله عنها... قلت: فعلو الله تعالى وارتفاعه عبارة عن علو مجده وصفاته وملكوته، أي ليس فوقه فيما يجب له من معاني الجلال أحد، ولا معه من يكون العلو مشتركا بينه وبينه، لكنه العلي بالإطلاق سبحانه. يقول صاحب روح المعاني جـ 8 ص 134{العرش} هو في المشهور الجسم المحيط بسائر الأجسام سمي به إما لارتفاعه، أو للتشبيه بسرير الملك، ولله المثل الأعلى وتعالى عن الشبيه.