جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِيّٖ وَلَا شَفِيعٍۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} (4)

{ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى{[4025]} عَلَى الْعَرْشِ } قد مر في سورة الأعراف ، { مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ } ، لا ولي ولا شفيع لكم من دون الله ، حال مقدم ، { أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ } بمواعظ الله ،


[4025]:وفي كتاب العلو، قال الإمام ابن جرير في تفسير قوله: {ثم استوى على العرش} في كل مواضعه، أي: علا وارتفع، قال البخاري في صحيحه: قال مجاهد: استوى علا على العرش انتهى، وقال أبو عبيدة: أي: صعد، ذكره البغوي، قال إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة: من لم يقرأ أن الله على عرشه استوى فوق سماواته بائن من خلقه فهو كافر يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه وألقى على مزبلة لئلا يتأذى بريحه أهل القبلة ولا أهل الذمة، نقله في كتاب العرش والعلو وقال شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن تيمية الحراني، في العقيدة الواسطية فصل: وقد دخل فيما ذكرنا من الإيمان بالله الإيمان بما أخبر به الله في كتابه، وتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمع عليه سلف الأمة من أن الله سبحانه فوق سماواته على عرشه علا خلقه انتهى. وذكر الشيخ شمس الدين ابن القيم في الإغاثة: أن الأساطين(*) قبل أرسطو كانوا يقولون: بحدوث العالم وإثبات الصانع ومبائنته للعالم وأنه فوق العالم وفوق السماوات بذاته كما حكاه أبو الوليد رشيد في كتاب مناهج الأدلة وهو أعلم الناس في زمانه بمقالاتهم، فقال: فيه القول في الجهة، وما هذه الصفة فلم يزل أهل الشريعة من أول الأمر يثبتونها لله سبحانه حتى نفتها المعتزلة، ثم تبعهم على نفيها متأخروا الأشاعرة، كأبي المعالي ومن اقتدى بقوله، إلى أن قال: والشرائع كلها مبينة على أن الله في السماء وأن منه تنزل الملائكة بالوحي إلى النبيين وأن من السماوات نزلت الكتب وإليها كان الإسراء بالنبي - صلى الله عليه وسلم- وجميع الحكماء قد اتفقوا على أن الله والملائكة في السماء كما اتفقت جميع الشرائع على ذلك ثم ذكر تقرير ذلك بالعقول، وبين بطلان الشبهة التي لأجلها نفتها الجهمية ومن وافقهم إلى أن قال: فقد ظهر لك من هذا أن إثبات الجهة واجب بالشرع والعقل، وأن إبطاله إبطال الشرائع انتهى موضع الحاجة منها. وقال الشيخ عبد القادر في الغنية: وكونه سبحانه وتعالى على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف انتهى. نقله في كتاب العلو. والله ما بعد البيان لمنصف *** إلا العناد ومركب الخذلان. (*) يعني من الفلاسفة.