تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِيّٖ وَلَا شَفِيعٍۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} (4)

الآية 4 وقوله تعالى : { الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام } هذا أيضا قد ذكرناه في ما تقدم .

وقوله تعالى : { ثم استوى على العرش } وفي هذا أيضا قد ذكرنا تأويلات كثيرة . لكنا نذكر فيه حرفا لم نذكره في ما تقدم من الذكر ، وكأنه أصوب وأقرب إلى الحق ، وهو أن ذلك حرف وكلام ، لم يجعل الله تعالى في العقول والأفهام سبيل الدرك له والمعرفة ، أعني لقوله : { ثم استوى على العرش } لأنه ذكر ذلك الحرف في موضع آخر ، وأمره أن يسأل به خبيرا حيث قال : { ثم استوى على العرش الرحمان فاسأل به خبيرا } [ الفرقان : 59 ] .

ولو كان ذلك الحرف مما لعقول البشر وأفهامهم سبيل الوصول على معرفته ودركه لأدركه عقل رسول الله رب العالمين ، وفهمه من غير أن يسأل به الخبير : من كان : الله أو جبريل . فإذا أمره بالسؤال عنه دل أنه بالعقل والفهم ، لا يدرك ، ولا يعرف ، ولا بالسمع عن الله . ولم يذكر عن الرسول أنه فسر ذلك ، أو قال فيه ، أو سأله أحد عنه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع } يقول : أهل التأويل : { ما لكم من دونه من ولي } ينفعكم في الآخرة { ولا شفيع } [ يدفع عنكم عذابه .

[ ويحتمل ]( {[16344]} ) أن يكون قوله : { ما لكم من دونه من ولي } أو رب وإله يلي أمركم سواه { ولا شفيع } ]( {[16345]} ) [ ولا جعل لكم الأصنام التي تعبدونها شفعاء ، وأنتم تعلمون ذلك . فكيف تعبدونها دونه ؟

[ ويحتمل أنه ذكره ]( {[16346]} ) على الوعيد لهم إذ ليس لأولئك ولي ولا ناصر ]( {[16347]} ) ولا شفيع ، لا [ هي ولا غيرها ]( {[16348]} ) .

وأما المؤمنون( {[16349]} ) فإنه وليهم كقوله : { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم } [ محمد : 11 ] .

وقوله تعالى : { أفلا تتذكرون } [ أي أفلا تتفكرون ]( {[16350]} ) في ما ذكر من صنعه ، فتوحدوه( {[16351]} ) ، والله أعلم .


[16344]:في م، أو.
[16345]:من م، ساقطة من الأصل.
[16346]:في الأصل وم: ويذكر.
[16347]:ساقطة من م.
[16348]:في الأصل وم: هو ولا غيره.
[16349]:في الأصل وم: للمؤمنين.
[16350]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[16351]:في الأصل وم: فتوحدونه.