التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِيّٖ وَلَا شَفِيعٍۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} (4)

قوله تعالى : { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ ( 4 ) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ( 5 ) ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( 6 ) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ ( 7 ) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ ( 8 ) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ } .

يخبر الله عن بالغ قدرته وعظيم سلطانه ومشيئته ؛ إذ خلق السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما من الكائنات والأجرام وما يربط ذلك كله من قوانين كونية في غاية الدقة والإحكام . وذلكم هو خلق الله الواسع الهائل المديد الذي تعجز الأذهان عن تصور مداه ؛ لفرط عظمته وسعته ، وكثرة ما فيه من عجائب وأحداث وأشياء .

لقد خلق الله ذلك كله في ستة أيام { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } { اسْتَوَى } بمعنى قصد : وقيل : استولى {[3672]} أي استولى على العرش بإحداثه .

قوله : { مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ } ينذر الله عباده ؛ إذ يحذرهم عصيانه ومخالفة أمره ؛ فهم إن كذبوا رسوله ونكلوا عن عبادة الله وحده وعن اتباع منهجه الحكيم فلن يجدوا من دونه { ولي } أي ناصرا ينصرهم من دونه { وَلا شَفِيعٍ } من الشفع ، بمعنى الضم{[3673]} أي ليس من أحد يضم جاهه ومكانته إليكم لينفعكم أو يدفع عنكم البلاء والشدة وأنتم مجموعون ليوم القيامة . وإنما الله وحده الخالق المدبر المقتدر ، وهو الناصر والقاهر والمعز ، وليس من أحد يشفع عنده يوم القيامة إلا بإذنه .

قوله : { أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ } أفلا تتدبرون ما أنزل الله إليكم من الحجج والبينات فتتعظوا وتزدجروا عن الإشراك بالله واتخاذ الآلهة المصطنعة من دونه .


[3672]:القاموس المحيط ص 1673.
[3673]:القاموس المحيط ص 948.