تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَٰلَٰتِ ٱللَّهِ وَيَخۡشَوۡنَهُۥ وَلَا يَخۡشَوۡنَ أَحَدًا إِلَّا ٱللَّهَۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيبٗا} (39)

36

{ الذي يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا } .

المفردات :

حسيبا : كافيا للمخاوف أو محاسبا .

التفسير :

هؤلاء الأنبياء والرسل هم الذين يبلغون رسالات السماء ويخشون الله وحده دون سواه . .

{ وكفى بالله حسيبا . . } فهو سبحانه المحاسب والمجازي والمكافئ وأنعم وأكرم به على عطاياه ومكافآته وقد كان محمد صلى الله عليه وسلم سيد الناس في هذا المقام وفي كل مقام ، فإنه قام بتبليغ رسالات الله إلى أهل المشارق والمغارب وإلى جميع أنواع بني آدم وأظهر الله به كلمته ودينه وشرعه على جميع الأديان والشرائع حيث بعثه الله على جميع الخلق عربهم وعجمهم قال تعالى : { قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا . . . } ( الأعراف : 158 ) ثم ورث مقام البلاغ عنه أمته من بعده فكان أعلى من قام بذلك بعده أصحابه رضي الله عنهم حيث بلغوا عنه كما أمرهم به في جميع أقواله وأفعاله وأحواله في ليله ونهاره وحضره وسفره وسره وعلانيته فرضي الله عنهم وأرضاهم ، ثم ورثه كل خلف عن سلفهم إلى زماننا هذا فبنورهم يهتدي المهتدون وعلى منهجهم يسلك الموفقون . 42

وفي هذه الآية إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم ليس عليه بأس من لائمة الناس في أمر قضاء الله لنسخ عادة التبني .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَٰلَٰتِ ٱللَّهِ وَيَخۡشَوۡنَهُۥ وَلَا يَخۡشَوۡنَ أَحَدًا إِلَّا ٱللَّهَۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيبٗا} (39)

قوله : { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ } ذلك إطراء من الله لرسله الذين خلوا من قبل وهم الذين يضطلعون بأكرم وجيبة وأشرفها وهي تبليغ رسالات الله إلى الناس فينصحون لهم ويأمرونهم بالحق وينهونهم عن الباطل وينذرونهم لقاء الله في الآخرة . وهم في ذلك إنما يخافون الله وحده ولا يخافون أحدا سواه . فلا تصدنهم سطوة الظالمين والمعرضين عن تبليغ ما أوكل الله إليهم من أمانة التبليغ { وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا } أي كفى بالله حافظا لأعمال العباد ومحاسبا عليها ، صغيرة أو كبيرة . أو كفى به ناصرا ومعينا وكافيا للمخاوف{[3750]} فهو سبحانه أحق أن يخشاه العباد . والمرسلون في ذلك عنوان الشجاعة والصبر والتجرد لدين الله . وهم المثال المحتذى في الصدق وعلو الهمة والدعوة إلى الله مخلصين ثابتين غير خائفين ولا وجلين . ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم سيد البشرية كافة وإمام المرسلين أجمعين في هذا المعنى . فقد أدى ما عليه من أمانة التبليغ كامل الأداء ، فلم تثنه الصعاب والمكاره والمكائد حتى لقي الله راضيا مرضيّا وقد شاع دينه فملأ شطرا من الأرض . ثم قام بإشاعته وتبليغه من بعده غرٌّ ميامين من صحابة وتابعين وتابعيهم ومن بعدهم من الأبرار الذين حملوا رسالة الإسلام إلى الخافقين .


[3750]:تفسير ابن كثير ج 3 ص 492 والكشاف ج 3 ص 263-264