تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَذَٰلِكَ خَيۡرٞ نُّزُلًا أَمۡ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ} (62)

أنواع العذاب في جهنم

{ أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم ( 62 ) إنا جعلناها فتنة للظالمين ( 63 ) إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم ( 64 ) طلعها كأنه رؤوس الشياطين ( 65 ) فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ( 66 ) ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ( 67 ) ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ( 68 ) إنهم ألفوا آباءهم ضالين ( 69 ) فهم على آثارهم يهرعون ( 70 ) ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين ( 71 ) ولقد أرسلنا فيهم منذرين ( 72 ) فانظر كيف كان عاقبة المنذرين ( 73 ) إلا عباد الله المخلصين ( 74 ) }

المفردات :

النزل : ما يعدّ للضيف وغيره من الطعام والشراب .

الزقوم : شجرة صغيرة الورق ، كريهة الرائحة ، مرّة الطعم ، تكون بتهامة .

62

التفسير :

62- { أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم } .

أهذا الرزق المعلوم الذي أعطيته للأهل الجنة والنعيم المقيم ، أفضل أم ما أعددت لأهل النار من الزقوم المرّ البشع ، وهذا ضرب من التهكم ، والسخرية بهم ، وهو أسلوب كثير الورود في القرآن الكريم ، حيث يقارن القرآن بين نعيم أهل الجنة ، وعذاب أهل النار .

قال تعالى : { مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار . وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم } . [ محمد : 15 ] .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَذَٰلِكَ خَيۡرٞ نُّزُلًا أَمۡ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ} (62)

ولما فات الوصف هذا التشويق إلى هذا النعيم ، رمى في نعته رمية أخرى سبقت العقول وتجاوزت حد الإدراك وعلت عن تخيل الوهم في استفهام منفر من ضده بمقدار الترغيب فيه لمن كان له لب فقال : { أذلك } الجزاء البعيد المنال البديع المثال { خير نزلاً } فأشار بذلك إلى أنه إنما هو شيء يسير كما يقدم للضيف عند نزوله على ما لاح في جنب ما لهم وراء ذلك مما لا تسعه العقول ولا تضبطه الفهوم : { أم شجرة الزقوم * } أي التي تعرفها بأنها في غاية النتن والمرارة ، من قولهم : تزقم الطعام - إذا تناوله على كره ومشقة شديدة ، وعادل بين ما لا معادلة بينهما بوجه تنبيهاً على ذلك ، ولأنهم كانوا يرون ما سبب ذلك من الأعمال خيراً من أعمال المؤمنين التي سببت لهم النعيم ، فكأنهم كانوا يقولون : إن هذا العذاب خير من النعيم ، فسيق ذلك كذلك توبيخاً لهم على سوء اختيارهم .