تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٖ وَشِقَاقٖ} (2)

1

المفردات :

عزة : حمية واستكبار عن الحق .

وشقاق : ومعاندة ومخالفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

التفسير :

2- { بل الذين كفروا في عزة وشقاق } .

معنى الآية مع ما قبلها كما يلي :

وحق القرآن المشتمل على التذكير والعبرة أنه يجب الإيمان به ، لكن الكافرون لم يؤمنوا ، ولا لخلل وجدوه فيه ، بل لأنهم في استكبار شديد عن إتباع الحق ، { وشقاق } ، أي : مخالفة لله ومعاندة ، ومشاقة لرسوله ، ولذلك كفروا به ، والمراد بالعزّة هنا : التكبر والعناد ، كما قال تعالى : { وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم . . . }[ البقرة : 206 ] ، أي الحميّة والاستكبار .

وأصل الشقاق أن يكون كل واحد من الفريقين في غير شق صاحبه ، فهو يترفع عليه بأن يكون معه في شق واحد ، لقد كان كفار مكة على جانب من الغنى والجاه والثروة ، فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بالإسلام أنفوا من إتباعه وهو بشر مثلهم ، لا يتميز عليهم بوسائل الدنيا كالغنى والجاه ، وحقدوا عليه أن يكون اليتيم الفقير ، نبيا رسولا ، { وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } . [ الزخرف : 31 ] .

ولقد استكبروا وأخذتهم حمية الجاهلية أن يدخلوا في دينه ، وكفروا به ، ودانوا للأصنام والأوثان وشاقوا الرسول والمؤمنين .

والله حين يصطفي بعض الناس لرسالته ، يختار الرسول لمواصفات إنسانية خلقية .

قال تعالى : { الله أعلم حيث يجعل رسالته . . . } [ الأنعام : 124 ] .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٖ وَشِقَاقٖ} (2)

{ بل الذين كفروا } بما يظهرون من تكذيبه { في عزة } أي عسر وصعوبة ومغالبة بحمية الجاهلية مظروفون لها ، فهي معمية لهم عن الحق لإحاطتها بهم ، وأنثها إشارة إلى ضعفها ، وبشارة بسرعة زوالها وانقلابها إلى ذل { وشقاق * } أي إعراض وامتناع واستكبار عن قبول الصدق من لساني الحال الذي أفصح به الوجود ، والقال الذي صرح به الذكر فهداهم إلى ما هو في فطرهم وجبلاتهم بأرشق عبارة وأوضح إشارة لو كانوا يعقلون ، فأعرضوا عن تدبره عناداً منهم لا اعتقاداً فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ، وتنكيرهما للتعظيم ، قال الرازي : حذف الجواب ليذهب فيه القلب كل مذهب ليكون أغزر وبحوره أزخر - انتهى .

وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : لما ذكر تعالى حال الأمم السالفة مع أنبيائهم في العتو والتكذيب ، وأن ذلك أعقبهم الأخذ الوبيل والطويل ، كان هذا مظنة لتذكير حال مشركي العرب وبيان سوء مرتكبهم وأنهم قد سبقوا إلى ذلك الارتكاب ، فحل بالمعاند سوء العذاب ، فبسط حال هؤلاء وسوء مقالهم ليعلم أنه لا فرق بينهم وبين مكذبي الأمم السالفة في استحقاق العذاب وسوء الانقلاب ، وقد وقع التصريح بذلك في قوله تعالى { كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد } إلى قوله : { إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب } ولما أتبع سبحانه هذا بذكر استعجالهم في قوله { عجل لنا قطناً قبل يوم الحساب } أتبع ذلك بأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالصبر فقال { اصبر على ما يقولون } ثم آنسه بذكر الأنبياء وحال المقربين الأصفياء { وكلاًّ نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك } - انتهى .