وما ينظر هؤلاء ، وما ينتظرون .
فواق : الفواق : الوقت بين الحلبتين .
15- { وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق } .
ما ينتظر هؤلاء المكذبون من أهل مكة ، إلا أن يصيح بهم الملك صيحة واحدة فيهلكوا جميعا ، ولا يُنتظر بهم سحابة نهار ، أو ظلام ليل ، أو مقدار فواق ناقة ، والفواق : ما بين الحلبتين ، حيث كانت تحلب الماشية في الصباح ، وفي المساء ، وما بينهما يسمى فواقا . {[572]} بفتح الفاء وضمها .
أو أن المراد بالصيحة : النفخة الثانية التي ينفخها إسرافيل في الصور : فيقوم الناس للحساب والجزاء والذهاب إلى الجنة أو النار .
قال تعالى : { ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون } . [ الزمر : 68 ] .
والمقصود من الآية : تأكيد جزائهم ، وتلقّيهم لما يستحقون ، وأن الصيحة سريعة الوقوع ، وأنها لن تتأخر عن وقتها ، وأنها صيحة واحدة فقط ، يتم بعدها كل شيء يتعلق بالبعث والجزاء .
ولما كان التقدير : فلقد أعقبنا كلاًّ من أولئك الأحزاب لما حق عليهم العقاب بنوع من الأنواع لا شك فيه عند أحد ولا ارتياب ، عطف عليه قوله : { وما } ولما كانت قريش في شدة العناد والتصميم على الكفر والاستكبار عن الإذعان للحق وتعاطي جميع أسباب العذاب كأنهم ينتظرونه ويستعجلونه ، عبر بما يدل على الانتظار . ولما كانوا لمعرفتهم بصدق الآتي إليهم والقطع بصحة ما يقول كأنهم يرون العذاب ولا يرجعون ، جرد فعل الانتظار فقال : { ينظر } وحقرهم بقوله : { هؤلاء } أي الذين أدبروا عنك في عزة وشقاق ، وغاية جهدهم أن يكونوا من الأحزاب الذين تحزبوا على جندنا فأخذناهم بما هو مشهور من وقائعنا ومعروف من أيامنا بأصناف العذاب ، ولم تغن عنهم كثرتهم ولا قوتهم شيئاً ولم يضر جندنا ضعفهم ولا قلتهم { إلا صيحة } وحقر أمرهم بالإشارة إلى أن أقل شيء من عذابه كافٍ في إهلاكهم فقال { واحدة } ولما كان السياق للتهديد فعلم به أن الوصف بالوحدة للتعظيم ، بينه بقوله : { ما لها } أي الصيحة { من فواق * } أي مزيد أيّ شيء من جنسها يكون فوقها ، يقال : فاق أصحابه فوقاً وفواقاً ، علاهم ، وقرأه حمزة بالضم فيكون كناية عن سرعة الهلاك بها من غير تأخر أصلاً ، فإن الفواق كغراب ما يأخذ المحتضر عند النزاع ، والمعنى أنه لا يحتاج في إهلاكهم إلى زيادة على الصيحة الموصوفة لأنه لا صيحة فوقها ، ففي ذلك تعظيم أقل شيء من عذابه وتحقير أعلى شيء من أمرهم ويجوز أن تكون القرءاتان من فواق الحلب ، قال الصغاني : والفواق والفواق أي بالضم والفتح : ما بين الحلبتين من الوقت لأنها تحلب ثم تترك سريعة يرضعها الفصيل لتدر قال في القاموس : أو ما بين فتح يدك وقبضها على الضرع ، فالمعنى : ما لها من رجوع كما يرجع اللبن في الضرع عن الفواق وكما يرجع المريض بالإفاقة من المرض إلى الصحة ، أو ما لها من انفصال وافتراق بقدر ما يتنفس فيه أحد أقل تنفس وأقصره زمناً كما هي عادة الأصوات المألوفة يكون فيها ترجيع يوجب في الصوت تقطعاً يصير به وقعه ضعيفاً فاتراً ، واعتماده على مخرجه رخواً ، بل هي صماء على نمط واحد لا تفجأ أحداً إلا مات إلا من ثبته الله تعالى ، ويجوز أن يكون من فواق المحتضر ، أي أنه ليس فيها مقدمة للموت غير قرع الصوت ، وهذا موافق لقولهم : ما لها من نظرة وراحة - والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.