تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا} (8)

معلومات عن الجن

{ وأنّا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا 8 وأنّا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا 9 وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا 10 وأنّا منّا الصالحون ومنّا دون ذلك كنا طرائق قددا 11 وأنّا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا 12 وأنّا لمّا سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا 13 وأنّا منا المسلمون ومنّا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحرّوا رشدا 14 وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا 15 وألّو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا 16 لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا 17 }

المفردات :

وأنا لمسنا السماء : طلبنا خبرها كما جرت بذلك عادتنا .

حرسا : الحرس والحراس واحدهم حارس ، وهو الرقيب .

شديدا : قويّا .

التفسير :

8- وأنّا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا .

أي : طلبنا بلوغ السماء ، والتنصت على أخبارها كما كنّا نفعل في الجاهلية ، فوجدنا السماء قد ملئت بالحرّاس الأشداء من الملائكة ، التي تمنع الجن من استراق السمع والتقاط أخبار السماء ونقلها إلى الكهّان فيزيد الكاهن على الكلمة الواحدة تسعا ، فيصدق في كلمة ويكذب في الباقي ، فإذا عيّروه بالكذب ، وعدم تحقق ما قاله ، أجاب الكاهن : ألم أخبركم بشأن كذا يوم كذا ، وقد صدق ؟

وإذا حمل الجنيّ خبر السماء ، وأفلت من حراسة الملائكة تبعه شهاب من نيران الكواكب ، يقتله أو يخبله ، ويمنعه من نقل أسرار السماء .

وفي الأحاديث النبوية الصحيحة ما يفيد أن الجن كانت ترصّ بعضها فوق بعض ، فيضع الجني أقدامه فوق كتف الأوّل ، ويضع الثالث أقدامه فوق كتف الثاني وهكذا ، حتى يستطيع آخر جنّي أن يسمع خبر السماء ، وأن يتنصت على كلام الملائكة ، تقول لبعضها مثلا : قضى الليلة بموت فلان ، أو نصر فلان ، فينقل الجنّي الخبر إلى الكهّان ، فيكذب الكاهن مع الكلمة تسعا ، فلما أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم شددت الحراسة على السماء ، فمن أراد أن يقعد في مكان قريب من السماء لاستراق السمع ، منعه الحرّاس وأحرقته الشهب بنيرانها لا تتخطاه ، والغرض من ذلك حفظ الوحي والقرآن الكريم من استراق الشياطين .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا} (8)

{ وأنا لمسنا السماء } طلبنا أخبارها كما هي عادتنا ؛ وكانوا يسترقون السمع من الملأ الأعلى ، ليخبروا به الكهان إضلالا للناس . واللمس : المس ؛ فاستعير للطلب ، لأن الماس طالب متعرف . { فوجدناها ملئت حرسا شديدا } حراسا أقوياء من الملائكة يحرسونها من استراق السمع . اسم جمع لحارس . { وشهبا } تنقص على مسترقي السمع [ آية 18 الحجر ص 420 ] .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا} (8)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

وقالت الجن: {وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا} من الملائكة {وشهبا} من الكواكب.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"وإنّا لَمَسْنا السّماءَ" يقول عزّ وجلّ مخبرا عن قيل هؤلاء النفر: وأنا طلبنا السماء وأردناها،

"فَوَجَدْناها مُلِئَتْ": فوجدناها ملئت "حَرَسا شَدِيدا" يعني حَفَظَة "وشُهُبا"، وهي جمع شهاب، وهي النجوم التي كانت تُرجم بها الشياطين.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{وأنا لَمسْنا السّماءَ} فيه وجهان:

الثاني: قاربنا السماء، فإن الملموس مقارَب.

{فوَجدْناها مُلئتْ حَرَساً شديداً} هم الملائكة الغلاظ الشداد. {وشُهُباً} جمع شهاب وهو انقضاض الكواكب المحرقة لهم عند استراق السمع.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{وأنا لمسنا} معناه التمسنا، ويظهر بمقتضى كلام العرب أنها استعارة لتجربتهم أمرها وتعرضهم لها، فسمي ذلك لمساً إذ كان اللمس غاية غرضهم.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

يخبر تعالى عن الجن حين بعث الله رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه القرآن، وكان من حفظه له أن السماء مُلئَت حرسا شديدًا، وحفظت من سائر أرجائها، وطردت الشياطين عن مقاعدها التي كانت تقعد فيها قبل ذلك؛ لئلا يسترقوا شيئا من القرآن. فيلقوه على ألسنة الكهنة، فيلتبس الأمر ويختلط ولا يدرى من الصادق. وهذا- من لطف الله بخلقه ورحمته بعباده، وحفظه لكتابه العزيز، ولهذا قال الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا}.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ويمضي الجن في حكاية ما لقوه وما عرفوه من شأن هذه الرسالة في جنبات الكون، وفي أرجاء الوجود، وفي أحوال السماء والأرض، لينفضوا أيديهم من كل محاولة لا تتفق مع إرادة الله بهذه الرسالة، ومن كل ادعاء بمعرفة الغيب، ومن كل قدرة على شيء من هذا الأمر.

وهذا النفر من الجن يقول: إن استراق السمع لم يعد ممكنا، وإنهم حين حاولوه الآن -وهو ما يعبرون عنه بلمس السماء- وجدوا الطريق إليه محروسا بحرس شديد، يرجمهم بالشهب، فتنقض عليهم وتقتل من توجه إليه منهم. ويعلنون أنهم لا يدرون شيئا عن الغيب المقدر للبشر: (وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا).. فهذا الغيب موكول لعلم الله لا يعلمه سواه. فأما نحن فلا نعلم ماذا قدر الله لعباده في الأرض: قدر أن ينزل بهم الشر. فهم متروكون للضلال، أم قدر لهم الرشد -وهو الهداية- وقد جعلوها مقابلة للشر. فهي الخير، وعاقبتها هي الخير. وإذا كان المصدر الذي يزعم الكهان أنهم يستقون منه معلوماتهم عن الغيب، يقرر أنه هو لا يدري عن ذلك شيئا، فقد انقطع كل قول، وبطل كل زعم، وانتهى أمر الكهانة والعرافة. وتمحض الغيب لله، لا يجترئ أحد على القول بمعرفته، ولا على التنبؤ به. وأعلن القرآن تحرير العقل البشري من كل وهم وكل زعم من هذا القبيل! وأعلن رشد البشرية منذ ذلك اليوم وتحررها من الخرافات والأساطير! وهذا النفر من الجن يقول: إن استراق السمع لم يعد ممكنا، وإنهم حين حاولوه الآن -وهو ما يعبرون عنه بلمس السماء- وجدوا الطريق إليه محروسا بحرس شديد، يرجمهم بالشهب، فتنقض عليهم وتقتل من توجه إليه منهم. ويعلنون أنهم لا يدرون شيئا عن الغيب المقدر للبشر: (وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا).. فهذا الغيب موكول لعلم الله لا يعلمه سواه. فأما نحن فلا نعلم ماذا قدر الله لعباده في الأرض: قدر أن ينزل بهم الشر. فهم متروكون للضلال، أم قدر لهم الرشد -وهو الهداية- وقد جعلوها مقابلة للشر. فهي الخير، وعاقبتها هي الخير. وإذا كان المصدر الذي يزعم الكهان أنهم يستقون منه معلوماتهم عن الغيب، يقرر أنه هو لا يدري عن ذلك شيئا، فقد انقطع كل قول، وبطل كل زعم، وانتهى أمر الكهانة والعرافة. وتمحض الغيب لله، لا يجترئ أحد على القول بمعرفته، ولا على التنبؤ به. وأعلن القرآن تحرير العقل البشري من كل وهم وكل زعم من هذا القبيل! وأعلن رشد البشرية منذ ذلك اليوم وتحررها من الخرافات والأساطير!

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا} (8)

ولما كان عدم البعث من خلل في القدرة ، شرعوا في إثبات تمام القدرة على وجه{[69055]} دال على صحة القرآن وحراسته من الجان ، لئلا يظن أنه من نحو ما للكهان ، فقالوا مؤكدين في قراءة الكسر لاستبعاد الوصول إلى السماء حثاً على طلب المهمات وإن بعد مكانها : { وإنا } ولما كان يعبر عن الإمعان في التفتيش بالالتماس ، وكان تجريد الفعل أعظم من ذلك للدلالة على الخفة وعدم الكلفة قال : { لمسنا السماء } أي الدنيا التمسنا أخبارها على ما كان من عادتنا لاستماع ما يغوى به الإنسان التماساً هو كالحس باللمس باليد { فوجدناها } من جميع نواحيها وهو من الوجدان { ملئت } أي ملأً هو في غاية السهولة والخفة على فاعله { حرساً } أي حراساً اسم جمع ، فهو مفرد اللفظ ، ولذلك وصف بقوله : { شديداً } أي بالملائكة { وشهباً * } جمع سهاب وهو المتوقد من النار ، فعلت هممهم حتى طلبوا المهمات الدنيوية والشهوات النفسانية من مسيرة{[69056]} خمسمائة سنة صعوداً ، فأفّ لمن يكسل عن{[69057]} مهمات الدين المحققة من مسيرة ساعة أو دونها ، وأن يقعد في مجلس العلم ساعة أو دونها ، والتعبير بالملأ يدل على أنها كانت قبل ذلك{[69058]} تحرس لكن لا على هذا{[69059]} الوجه فقيل : إنها حرست لنزول التوراة ثم اشتد الحرس للانجيل ثم ملئت لنزول القرآن فمنعوا من الاستماع أصلاً إلا ما يصدق القرآن إرهاصاً للنبوة العظمى الخاتمة لئلا يحصل بهم{[69060]} نوع لبس .


[69055]:-زيدت في الأصل: بات، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[69056]:- من ظ وم، وفي الأصل: مسير.
[69057]:- زيد في ظ: طلب.
[69058]:- زيد من ظ وم.
[69059]:- زيد من ظ وم.
[69060]:- من ظ وم، وفي الأصل: لهم.