تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ} (5)

التفسير :

5- ولا أنتم عابدون ما أعبد .

أي : ولا أنتم عابدون عبادتي ، فلا معبودتنا واحد ، ولا عبادتنا واحدة .

أنا أعبد الله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، المنزه عن النظير والمثيل ، أوّل بلا ابتداء ، وآخر بلا انتهاء ، بيده الخلق والأمر ، لا حدود لقدرته ، فهو على كل شيء قدير ، إذا أراد أمرا كان وحصل ، فعّال لما يريد : إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون . ( يس : 82 ) .

أما معبودكم فهو هذه الأصنام والأوثان ، وعبادتي خالصة لله الواحد الأحد ، وعبادتكم تشوبها أفكار ملفّقة ، حيث تدّعون أن الله تزوج من أغنياء الجن فولدوا له الملائكة ، وتدّعون أن الأصنام تقربكم من الله ، وهي أصنام صماء لا تسمع ولا تنفع ، ولا تجيب ولا تعقل شيئا .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ} (5)

{ ولا أنتم عابدون } فيما يستقبل أبدا{ ما أعبد } فأيأسهم من الذي طمعوا فيه ، وأخبرهم أنه غير كائن منه في وقت من الأوقات . وأيأس نبيه من الطمع في أيمانهم ؛ وقد تحقق ذلك بموت بعضهم على الكفر ، وقتل باقيهم يوم بدر .

وللمفسرين أقوال كثيرة في تفسير هذه القرائن الأربع ؛ فمنهم من حمل الأوليين على الاستقبال ، والأخريين على المضي أو على الحال ، ومنهم من حمل الأوليين على المضي والأخريين على الاستقبال . ومنهم جعل القرينة الثالثة المنفية توكيدا للأولى ، والرابعة توكيدا للثانية . وقيل غير ذلك . كما اختلفوا في " ما " في القرينة الثانية والرابعة ؛ فحملها بعضهم على الصفة . كأنه قيل : ولا أنتم عابدون ما أعبد من المعبود العظيم الشأن الذي لا يقادر قسره ، واختار أبو مسلم : أنها في القرينتين الأولين موصولة ، وفي الأخريين مصدرية ؛ أي لا أعبد المعبود الذي تعبدون ، ولا أنتم عابدون المعبود الذي أعبد ، ولا أنا عابد مثل عبادتكم المبنية على الشرك المخرج لها عن كونها عبادة حقيقية ، ولا أنتم عابدون مثل عبادتي المبينة على التوحيد والإخلاص . وقيل غير ذلك .