تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ} (3)

المفردات :

أيحسب الإنسان : أيظن الكافر .

ألن نجمع عظامه : أن لن نقدر على إعادة عظامه وجمعها من أماكنها المتفرقة .

التفسير :

3- أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه .

جواب القسم في الآيتين الأولى والثانية محذوف وتقديره : لتبعثن ، وسوّغ حذف الجواب ، دلالة هذه الآية عليه .

سبب النزول :

روى أن عديّ بن ربيعة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا محمد ، حدثني عن يوم القيامة ، متى يكون أمره ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك ، ولم أومن بك ، أو يجمع الله هذه العظام بعد بلاها ؟ فنزلت الآية .

وقد عنى القرآن الكريم بتأكيد أمر البعث والجزاء ، وبيان حكمته ، وهي أن يكافأ الطائع ، وأن يعاقب العاصي ، وحتى لا تكون الحياة عبثا .

وقد استبعد الكفار أن تدب الحياة في العظام البالية ، وقد بين القرآن أن إعادة الخلق سهل هين على الله ، قال تعالى : كما بدأنا أول خلق نعيده . . . ( الأنبياء : 104 ) .

ويروى أن أميّة بن خلف جاء بعظم قد رمّ وبلى وصار ترابا ، ففرك العظم بين يديه ونفخ فيه ، وقال : يا محمد ، أتزعم أن ربك يبعث هذا بعدما رمّ وبلى وصار ترابا ؟ فقال : ( نعم ، ويبعثك ويدخلك النار ) .

وأنزل الله تعالى الآيات الأخيرة من وسورة ( يس ) للرد على منكري البعث .

قال تعالى : وضرب لنا مثلا ونسي خلقه ، قال من يحيي العظام وهي رميم* قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم . ( يس : 78 ، 79 ) .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ} (3)

{ أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه } بعد التفرق والبلى ! ؟ استفهام تقريع وتوبيخ . والمراد بالإنسان جنسه ، أو الكافر المنكر للبعث . وخص العظام بالذكر لأنها قالب الخلق .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ} (3)

{ أيحسب الإنسان } أي الكافر { ألن نجمع عظامه } للبعث والإحياء بعد التفرقة والبلى

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ} (3)

ولما كان التقدير قطعاً بما يرشد إليه جميع ما مضى جواباً للقسم : إنك والله صادق في إنذارك فلا بد أن ينقر في الناقور بالنفخ في الصور . قال بانياً عليه بعد الإشارة إلى تعظيم أمر القيامة بما دل عليه حذف الجواب من أنها في وضوح الأمر وتحتم الكون على حالة لا تخفى على أحد منكراً على من يشك فيها بعد ذلك : { أيحسب الإنسان } أي هذا النوع الذي يقبل{[70104]} على-{[70105]} الأنس بنفسه والنظر في عطفه والسرور بحسبه ، وأسند الفعل إلى النوع كله لأن أكثرهم كذلك لغلبة الحظوظ على العقل إلا من عصم الله { أن } أي أنا .

ولما كان فيهم من يبالغ في الإنكار ، عبر{[70106]} أيضاً بأداة التأكيد فقال : { لن نجمع } أي على ما لنا من العظمة { عظامه * } أي التي هي قالب بدنه وعماده من الأرض فيعيدها كما كانت{[70107]} بعد تمزقها وتفتتها وافتراقها وبلاها وانمحاقها ، وقد سدت المخففة مسد مفعولي " يحسب " المقدرين ب " يحسبنا " غير جامعين .

وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما تقدم قوله مخبراً عن أهل الكفر

{ وكنا نكذب بيوم الدين }[ المدثر : 46 ] ثم تقدم في صدر السورة قوله تعالى :

{ فإذا نقر في الناقور }[ المدثر : 8 ] إلى قوله :

{ غير يسير }[ المدثر : 9 ] والمراد به يوم القيامة ، والوعيد به لمن ذكر بعد في قوله

{ ذرني ومن خلقت وحيداً }[ المدثر : 11 ] الآيات ومن كان على حاله في تكذيب وقوع ذلك اليوم ، ثم تكرر ذكره عند جواب من سئل بقوله

{ ما سلككم في سقر }[ المدثر : 42 ] فبسط القول في هذه السورة في بيان ذكر ذلك اليوم وأهواله ، وأشير إلى حال من كذب به في قوله تعالى { يسأل أيان يوم القيامة } [ القيامة : 6 ] وفي قوله تعالى : { أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه } [ القيامة : 3 ] ثم أتبع ذلك بذكر أحوال الخلائق في ذلك اليوم

{ ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر }[ القيامة : 13 ] انتهى .


[70104]:في ظ: جبل.
[70105]:زيد من ظ و م.
[70106]:زيد في الأصل: بقوله، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[70107]:من ظ و م، وفي الأصل: أنت.