تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتۡ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الانشقاق

أهداف سورة الانشقاق

( سورة الانشقاق مكية ، وآياتها 25 آية ، نزلت بعد سورة الانفطار )

وهي سورة هادئة الإيقاع ، يغلب عليها هذا الطابع ، حتى في وصف مشاهد القيامة ، تلك المشاهد التي عرضتها سورة التكوير في جو عاصف .

( وتطوف سورة الانشقاق بالقلب البشري في مجالات كونية وإنسانية شتى ، متعاقبة تعاقبا مقصودا ، فمن مشهد الاستسلام الكوني ، إلى لمسة لقلب الإنسان ، إلى مشهد الحساب والجزاء ، إلى مشهد الكون الحاضر وظواهره الموحية ، إلى لمسة أخرى للقلب البشري ، إلى التعجب من حال الذين لا يؤمنون بعد ذلك كله ، إلى التهديد بالعذاب الأليم ، واستثناء المؤمنين من العذاب )i .

مقاطع السورة

يمكن أن تقسم سورة الانشقاق إلى أربعة مقاطع :

المقطع الأول : وفيه مطلع السورة ، ذلك المطلع الخاشع الجليل ، الذي يفيد نهاية الكون واستجابة السماء والأرض لأمر الله في خشوع وطواعية . ( الآيات 1-5 ) .

المقطع الثاني : يبين أن الإنسان محاسب على عمله ، وسيجازى عليه ، فالمؤمن يأخذ كتابه باليمين ، ويلقى السرور وحسن الجزاء ، والكافر يأخذ كتابه من وراء ظهره ، ويلقى الهلاك والسعير . ( الآيات 6-15 ) .

المقطع الثالث : يعرض مشاهد الكون ، في صورة تأخذ بالألباب . ( الآيات 16-19 ) .

المقطع الرابع : يتعجب من حال هؤلاء الذين يعرضون عن الإيمان ، ويهددهم بالجزاء العادل . ( الآيات 20-25 ) .

وهذه اللمسات المتعددة تطوف بالقلب البشري ، وتنتقل بالنفس خلال مشاهد الآخرة والدنيا ، والحساب والجزاء ، في آيات قصيرة وحيز محدود ، مما لا يمكن لبشر أن يفعله ، ولكنه القرآن الذي يسّره الله للذكر ، وأنزله لهداية العالمين .

مع آيات السورة

1-5- يصف الله سبحانه وتعالى ما يحدث من الأهوال يوم القيامة عند خراب الدنيا ، فيذكر أن السماء تنشق وتصبح ذات فروج وفتحات ، وتنقاد هذه السماوات لأمر ربها ، وتخضع لتأثير قدرته ، حين يريد انشقاقها ، فهي أشبه بالمطيع الذي يذعن لأمر سيده ، والأرض وتبسط باندكاك جباله ، وتخرج ما فيها من الموتى حتى لا يبقى بداخلها شيء ، وتنقاد كذلك لأمر ربها ، وتخضع لتأثير قدرته ، ووجب عليها أن تنقاد لأنها في قبضة القدرة الإلهية ، تصرفها في الفناء ، كما صرفتها في الابتداء .

وجواب إذا . التي صدرت بها السورة محذوف ، وتقدير الكلام : إذا السماء انشقت . . . ترون جزاء ما عملتم من خير أو شر .

وقصارى ذلك : وصف أحوال يوم القيامة ، وفيه تبدل الأرض غير الأرض ، والسماوات غير السماوات ، ويبرز الناس للحساب على ما قدموا في حياتهم من عمل ، وعلينا أن نؤمن بذلك كله ، ونكل علم حقيقته ومعرفة كنهه إلى الله تعالى .

6-15- يا أيها الإنسان إنك تقطع رحلة حياتك على الأرض كادحا ، تحمل عبأك ، وتجهد جهدك ، وتشق طريقك لتصل في النهاية إلى ربك ، فإليه المرجع وإليه المآب ، بعد الكد والكدح والجهاد ، وفي يوم البعث ينكشف الالتباس ، ويعرف كل عامل ما جرّ إليه عمله ، والناس حينئذ صنفان :

الأول : الذي يعرض عليه سجل أعماله ، ويتناول بيمينه ، فإنه يحاسب أيسر الحساب ، إذ تعرض عليه أعماله فيعرّف بطاعته وبمعاصيه ، ثم يثاب على ما كان من طاعة ، ويتجاوز له عما كان من معصية .

عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته : ( اللهم حاسبني حسابا يسيرا ) ، فلما انصرف قلت : يا رسول الله ، وما الحساب اليسير ؟ قال : ( أن ينظر في كتابه فيتجاوز عنه ، من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هلك )ii .

فهذا هو الحساب اليسير الذي يلقاه من يؤتي كتابه بيمينه ، ثم ينجو ، وينقلب إلى أهله مسرورا . وأهله هم النّاجون الذين سبقوه إلى الجنة .

الثاني : وأما من أوتي كتابه وراء ظهره . والذي ألفناه في تعبيرات القرآن من قبل هو كتاب اليمين وكتاب الشمال ، فهذه صورة جديدة : صورة إعطاء الكتاب من وراء الظهر ، وليس يمتنع أن يكون الذي يعطى بشماله ، يعطاه كذلك من وراء ظهره ، فهي هيئة الكاره المكره ، الخزيان من المواجهة .

والذي نخلص إليه ، أن إيتاء الكتاب باليمين أو بالشمال أو من وراء الظهر ، تصوير لحال المطلع على أعماله في ذلك اليوم ، فمن الناس من إذا كشف له عمله ابتهج واستبشر ، وتناول كتابه بيمينه ، ومنهم من إذا انكشفت له سوابق أعماله عبس وبسر ، وأعرض عنها وأدبر ، وتمنى لو لم تكشف له ، وتناولها بالشمال أو من وراء الظهر ، وحينئذ يدعو : واثبوراه ، أي : يا هلاكي أقبل ، فإني لا أريد أن أبقى حيا . ولا يفعل الإنسان ذلك إلا إذا كان في شدة التعاسة والشقاء .

وتناول الكافر بشماله أو من وراء ظهره ، علامة على سخط الله عليه ، وهو يدعو على نفسه بالهلاك والويل ، ويدخل نار جهنم التي سعرت وأوقدت ليحترق بنارها ، لأنه كان في الدنيا بين عشيرته من الكافرين لاهيا في شهواته ، منقادا لأهوائه ، لا يخطر الموت على باله ، ولا البعث : إنه ظنّ أن لن يحور . إلى ربه ، ولن يرجع إلى بارئه ، ولو ظن الرجعة في نهاية المطاف لقدم بعض العمل ، وادخر شيئا للحساب .

بلى إن ربه كان به بصيرا . أي : بلى ليحورن وليرجعن إلى ربه ، وليحاسبنه على عمله ، فهو سبحانه كان مطلعا على أمره ، محيطا بحقيقته ، عالما بحركاته وخطواته .

وتصور الآيات هذا التعيس ، وهو مسرور بين أهله في الحياة الدنيا القصيرة ، ولكنه في الآخرة حزين يتمنى الموت والهلاك ، تقابلها صورة السعيد المؤمن ، وهو ينقلب إلى أهله مسرورا ، في الحياة الآخرة المديدة ، لقاء ما قدّم من سعي حميد وعمل صالح .

وتعود الآيات إلى لمحات الكون ، تجمع بين الخشوع الساكن والجلال المرهوب :

16-19- فلا أقسم بالشّفق . والشفق هو الوقت الخاشع المرهوب بعد الغروب ، وبعد الغروب تأخذ النفس روعة ساكنة عميقة ، ويحس القلب بمعنى الوداع ، وما فيه من أسى صامت ، وشجى عميق ، كما يحس برهبة الليل القادم ، ووحشة الظلام الزاحف ، ويلفه في النهاية خشوع وخوف خفي وسكون .

والليل وما وسق . هو الليل وما جمع ، وما حمل من الظلام والنجوم ، أو ما عمل فيه من التهجد ، أو ما جمع من مخلوقات كانت منتشرة بالنهار ، فإذا جنها الليل أوت إلى مأواها .

والقمر إذا اتّسق . أي اكتمل واستدار وصار بدرا ، وهو مشهد رائع للقمر في ليالي اكتماله ، يفيض على الأرض بنوره الحالم الخاشع ، الموحي بالصمت الجليل .

يقسم القرآن بهذه الأشياء ، التي تدبر الإنسان أمرها استدل بجلالها وعظمة شأنها على قدرة مبدعها .

لتركبن طبقا عن طبق . أي : لتلاقن أيها الناس أمورا بعد أمور ، وأحوالا بعد أحوال ، من الموت والبعث والحشر ، إلى أن تصيروا إلى ربكم ، وهناك تلقون جزاء أعمالكم .

20-25- فلماذا لا يؤمنون بالبعث والنشور ، وهم يرون آثار قدرة الله وبدائع صنعه ، وما لهم لا يخضعون لآيات القرآن ، وفيها من اللمسات والموحيات ما يصل القلب البشري بالوجود الجميل ، ويبارئ الوجود الجليل ، وإذا قرأ المؤمن هذه الآية سجد لله سجود التلاوة ، عند قوله : فما لهم لا يؤمنون* وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون .

ولكن الكافرين قوم معاندون ، فالتكذيب طابعهم ، والله أعلم بما يكنّون في صدورهم ، ويضمّون عليه جوانحهم ، من بغي وحسد ، وإشراك بالله ، وحقد على الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولذلك أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبشرهم جميعا بالعذاب المؤلم الموجع يوم القيامة . . . ويالها من بشرى لا تسرّ .

أما الذين آمنوا بالله ورسوله ، وامتثلوا أوامر الله فعملوا الأعمال الصالحة ، فلهم الأجر الحسن والثواب الدائم الذي لا ينقطع ولا يزول .

مقاصد السورة

1- وصف مشاهد القيامة .

2- الإنسان كادح عامل في الدنيا ، وسيلقى الجزاء في الآخرة .

3- المؤمن يأخذ كتابه باليمين ، فيجد السعادة والسرور .

4- الكافر يأخذ كتابه من وراء ظهره ، فيجد الشقاء والسعير .

5- القسم بالشفق والليل والقمر ، تنبيها لجلالها وبديع صنعها .

6- الناس ينتقلون من الحياة إلى الموت ، ثم إلى البعث والحساب والجزاء ، فهم ينتقلون في أحوالهم طبقة بعد طبقة ليستقروا في نعيم مقيم أو في عذاب أليم .

مظاهر القيامة

بسم الله الرحمان الرحيم

{ إذا السماء انشقّت 1 وأذنت لربها وحقّت 2 وإذا الأرض مدّت 3 وألقت ما فيها وتخلّت 4 وأذنت لربها وحقّت 5 يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه 6 فأما من أوتي كتابه بيمينه 7 فسوف يحاسب حسابا يسيرا 8 وينقلب إلى أهله مسرورا 9 وأما من أوتي كتابه وراء ظهره 10 فسوف يدعو ثبورا 11 ويصلى سعيرا 12 إنه كان في أهله مسرورا 13 إنه ظنّ أن لن يحور 14 بلى إنه ربه كان به بصيرا 15 }

المفردات :

السماء انشقت : انصدعت عند قيام الساعة .

أذنت لربها : استمعت وانقادت له .

حقت : حق عليها الاستماع والانقياد .

التفسير :

1 ، 2- إذا السماء انشقّت* وأذنت لربها وحقّت .

إذا تشققت السماء وتصدعت وانفرط عقدها ، وتناثرت كواكبها ، ولم تعد متماسكة لا فطور فيها ، وهذا معنى إذا السماء انفطرت ، ومعنى قوله تعالى : ويوم تشقّق السماء بالغمام ونزّل الملائكة تنزيلا* الملك يومئذ الحق للرحمان وكان يوما على الكافرين عسيرا . ( الفرقان : 25 ، 26 ) .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتۡ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

سورة الانشقاق مكية.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

مكية في قول الجميع...

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

سورة الكدح...

فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني 1250 هـ :

أخرج ابن خزيمة والروياني في مسنده، والضياء المقدسي في المختارة عن بريدة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر {إذا السماء انشقت} ونحوها»...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

تبدأ السورة ببعض مشاهد الانقلاب الكونية التي عرضت بتوسع في سورة التكوير، ثم في سورة الانفطار. ومن قبل في سورة النبأ. ولكنها هنا ذات طابع خاص. طابع الاستسلام لله. استسلام السماء واستسلام الأرض، في طواعية وخشوع ويسر: (إذا السماء انشقت، وأذنت لربها وحقت. وإذا الأرض مدت، وألقت ما فيها وتخلت، وأذنت لربها وحقت)..

ذلك المطلع الخاشع الجليل تمهيد لخطاب "الإنسان"، وإلقاء الخشوع في قلبه لربه. وتذكيره بأمره؛ وبمصيره الذي هو صائر إليه عنده. حين ينطبع في حسه ظل الطاعة والخشوع والاستسلام الذي تلقيه في حسه السماء والأرض في المشهد الهائل الجليل: (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه. فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا، وينقلب إلى أهله مسرورا، وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا، ويصلى سعيرا. إنه كان في أهله مسرورا. إنه ظن أن لن يحور. بلى إن ربه كان به بصيرا)..

والمقطع الثالث عرض لمشاهد كونية حاضرة، مما يقع تحت حس " الإنسان " لها إيحاؤها ولها دلالتها على التدبير والتقدير، مع التلويح بالقسم بها على أن الناس متقلبون في أحوال مقدرة مدبرة، لا مفر لهم من ركوبها ومعاناتها: (فلا أقسم بالشفق، والليل وما وسق، والقمر إذا اتسق؛ لتركبن طبقا عن طبق)..

ثم يجيء المقطع الأخير في السورة تعجيبا من حال الناس الذين لا يؤمنون؛ وهذه هي حقيقة أمرهم، كما عرضت في المقطعين السابقين. وتلك هي نهايتهم ونهاية عالمهم كما جاء في مطلع السورة: (فما لهم لا يؤمنون؟ وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون؟).. ثم بيان لعلم الله بما يضمون عليه جوانحهم وتهديد لهم بمصيرهم المحتوم: (بل الذين كفروا يكذبون. والله أعلم بما يوعون. فبشرهم بعذاب أليم. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات. لهم أجر غير ممنون)..

إنها سورة هادئة الإيقاع، جليلة الإيحاء، يغلب عليها هذا الطابع حتى في مشاهد الانقلاب الكونية التي عرضتها سورة التكوير في جو عاصف. سورة فيها لهجة التبصير المشفق الرحيم، خطوة خطوة. في راحة ويسر، وفي إيحاء هادئ عميق. والخطاب فيها: (يا أيها الإنسان) فيه تذكير واستجاشة للضمير.

وهي بترتيب مقاطعها على هذا النحو تطوف بالقلب البشري في مجالات كونية وإنسانية شتى، متعاقبة تعاقبا مقصودا.. فمن مشهد الاستسلام الكوني. إلى لمسة لقلب " الإنسان". إلى مشهد الحساب والجزاء. إلى مشهد الكون الحاضر وظواهره الموحية. إلى لمسة للقلب البشري أخرى. إلى التعجيب من حال الذين لا يؤمنون بعد ذلك كله. إلى التهديد بالعذاب الأليم واستثناء المؤمنين بأجر غير ممنون..

كل هذه الجولات والمشاهد والإيحاءات واللمسات في سورة قصيرة لا تتجاوز عدة أسطر.. وهو ما لا يعهد إلا في هذا الكتاب العجيب! فإن هذه الأغراض يتعذر الوفاء بها في الحيز الكبير ولا تؤدى بهذه القوة وبهذا التأثير.. ولكنه القرآن ميسر للذكر؛ يخاطب القلوب مباشرة من منافذها القريبة. صبغة العليم الخبير!

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

سميت في زمن الصحابة سورة إذا السماء انشقت. ففي الموطأ عن أبي سلمة أن أبا هريرة قرأ بهم إذا السماء انشقت فسجد فيها فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها. فضمير فيها عائد إلى {إذا السماء انشقت} بتأويل السورة، وبذلك عنونها البخاري والترمذي وكذلك سماها في الإتقان. سماها المفسرون وكتاب المصاحف سورة الانشقاق باعتبار المعنى كما سميت السورة السابقة سورة التطفيف وسورة انشقت اختصارا. وذكرها الجعبري في نظمه في تعداد المكي والمدني بلفظ كدح، فيحتمل أنه عنى أنه اسم للسورة ولم أقف على ذلك لغيره. ولم يذكرها في الإتقان مع السور ذوات الأكثر من اسم... أغراضها:

ابتدئت بوصف أشراط الساعة وحلول يوم البعث واختلاف أحوال الخلق يومئذ بين أهل نعيم وأهل شقاء...

التفسير الحديث لدروزة 1404 هـ :

في السورة إشارة إلى مشاهد القيامة. وبيان لمصير الأبرار والأشرار فيها. وتوكيد إنذاري وتنديدي للكفار بأنهم ستتبدل حالهم وينالهم العذاب دون المؤمنين الصالحين. ونظم السورة وترابط آياتها يسوغان القول بوحدة نزولها...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

لا تخرج السّورة عن الإطار العام لسور الجزء الأخير من القرآن الكريم، فتبدأ بوصف علامات أشراط القيامة وما سيحدث من أحداث مروعة في نهاية العالم وبداية يوم القيامة، ثمّ تتحدث ثانياً عن القيامة والحساب وما ستؤول إليه عاقبة كلّ من الصالحين والمجرمين، ثمّ تعطف السّورة في المرحلة الثّالثة لتوضيح ماهية الأعمال والعقائد التي تجر الإنسان إلى سخط اللّه وخلوده بالعذاب مهاناً، وفي الرّابعة تنتقل السّورة لعرض مراحل سير الإنسان في حياتيه (الدنيا والآخرة)، وفي آخر مطاف السّورة يدور الحديث خامساً عن جزاء الأعمال الحسنة والسيئة...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

إذا السماء تصدّعت وتقطّعت فكانت أبوابا...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

يقول الله تعالى لنبيه وهو متوجه إلى جميع المكلفين على وجه الوعيد لهم والتخويف من عقابه والتنبيه لهم على قرب أوان مجيئه (إذا السماء انشقت)، وتقديره: اذكر إذا السماء انشقت، ومعناه إذا انفطرت السماء وتصدعت وانفرجت، فالانشقاق: افتراق امتداد عن التئام، فكل انشقاق افتراق وليس كل افتراق انشقاقا، وقيل: الانشقاق: الانفطار...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

حذف جواب إذا ليذهب المقدر كل مذهب، أو اكتفاء بما علم في مثلها من سورتي التكوير والانفطار. وقيل: جوابها ما دلّ عليه (فملاقيه) أي إذا السماء انشقت لاقى الإنسان كدحه. ومعناه: إذا انشقت بالغمام،...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

هذه أوصاف يوم القيامة، و «انشقاق السماء»: هو تفطيرها لهول يوم القيامة، كما قال: {وانشقت السماء فهي يومئذ واهية} [الحاقة: 16]، وقال الفراء والزجاج وغيره: هو تشققها بالغمام، وقال قوم: تشققها تفتيحها أبواباً لنزول الملائكة وصعودهم في هول يوم القيامة،...

.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{إذا السماء} أي على ما لها من الإحكام والعظمة والحكمة الذي لا يقدر على مثلها غيره جلت قدرته {انشقت} أي فصارت واهية وفتحت أبواباً فتخربت وتهدمت...

التفسير الحديث لدروزة 1404 هـ :

في الآيات الخمس الأولى ما يلهم أنها في صدد مشاهد يوم القيامة: فحينما تنشق السماء انقيادا لأمر ربها وأداء لما عليها نحوه من حق الطاعة، وحينما تنبسط الأرض وتمتد وتنفتح عما في باطنها وتقذف به إلى سطحها وتتخلى عنه انقيادا لأمر ربها كذلك وأداء لما عليها من حق الطاعة تكون القيامة قد قامت. وعبارة (تكون القيامة قد قامت) مقدرا تقديرا. والتقدير بديهي؛ لأنه نتيجة طبيعية لما احتوته الآيات الخمس من المشاهد. وهو ما يقرره جمهور المفسرين...

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتۡ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الانشقاق{[1]}

مقصودها الدلالة على آخر المطففين من أن الأولياء ينعمون والأعداء يعذبون ، لأنهم كانوا لا يقرون بالبعث ولا بالعرض على الملك الذي أوجدهم ورباهم كما يعرض الملوك عبيدهم ويحكمون بينهم فينقسمون إلى أهل ثواب وأهل عقاب ، واسمها الانشقاق {[2]}أدل دليل{[3]} على ذلك بتأمل الظرف وجوابه الدال على الناقد البصير وحسابه { بسم الله } ذي الجلال والإكرام { الرحمن } الذي كملت نعمته فشملت الخاص والعام { الرحيم* } الذي أتمها بعد العموم على أوليائه فأسعدهم بإتمام الإنعام .

لما ختمت التطفيف بأن الأولياء في نعيم ، وأن{[72315]} الأعداء في جحيم ثواباً وعقاباً ، ابتدأ هذه بالإقسام{[72316]} على ذلك فقال : { إذا السماء } أي على ما لها من الإحكام والعظمة {[72317]}والحكمة الذي لا يقدر على مثلها غيره جلت قدرته{[72318]} { انشقت * } أي فصارت واهية وفتحت أبواباً{[72319]} فتخربت وتهدمت ، وذلك بعد القيام من القبور كما مضى في الحاقة عن إحدى روايتي ابن عباس رضي الله عنهما


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[72315]:سقط من ظ و م.
[72316]:من ظ و م، وفي الأصل: الأقسام.
[72317]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[72318]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[72319]:في ظ: أبوابها.