تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَجۡتَنِبُونَ كَبَـٰٓئِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡفَوَٰحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمۡ يَغۡفِرُونَ} (37)

36

المفردات :

كبائر الإثم : كبائر الذنوب ، وقرئ : ( كبير الإثم ) .

الفواحش : ما عظم قبحه من الذنوب كالزنا .

التفسير :

37- { والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون } .

هذه الآية مكملة لصفات الذين آمنوا في الآية السابقة ، أي : ومن صفات الذين آمنوا أنهم يبتعدون عن كبائر الذنوب ، مثل : الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ، وشهادة الزور ، والزنا ، والربا ، والقتل ، والسحر ، وتطلق الفواحش على كل ما عظم قبحه وفحش أمره .

قال ابن عباس :

{ الفواحش } . يعني الزنا ، أي : هم مبتعدون عن كل ما يغضب الله ، خصوصا كبائر الذنوب .

سئل بعضهم عن التقوى فقال : ( ألا يراك الله حيث نهاك ، وألا يفقدك حيث أمرك ) .

{ وإذا ما غضبوا هم يغفرون } .

ومن شأنهم ألا يستبد بهم الغضب فيخرجهم عن حد الاعتدال ، بل إذا غضبوا غفروا لمن أغضبهم تمسكا بآداب الدين .

ذكر أبو حامد الغزالي في كتاب ( إحياء علوم الدين ) أبواب المهلكات ، ومنها : الحقد ، والحسد ، والضغينة ، والكبر ، والغضب ، وبين أن الغضب سبع مفترس يجعل الإنسان لعبة في يد الشيطان ، لأن الإنسان إذا سكر وإذا غضب ؛ ضعفت سيطرته على عقله ، وأصبح فريسة لهواه ، فيفعل ما يندم على فعله .

ومن علاج الغضب تذكّر هوان الدنيا ، وأنها لا تزن جناح بعوضة ، والغضب وسيلة إلى أمراض متعددة مثل تصلب الشرايين ، والضغط المرتفع ، والسكر ، وعلاج ذلك محاولة الهدوء والاتزان والرضا والإيمان .

وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمات الله16 .

وفي الحديث النبوي يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث أقسم عليهن : ما نقص مال من صدقة ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه ، وما زاد الله عبدا يعفو إلا عزا فاعفوا يعزكم الله )17 .

/خ43

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَجۡتَنِبُونَ كَبَـٰٓئِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡفَوَٰحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمۡ يَغۡفِرُونَ} (37)

كبائر الإثم : كل ما يوجب حدّا .

الفواحش : كل ما عظُم قبحه من السيئات .

استجابوا : أجابوا داعي الله .

الشورى : المشاورة في الأمور .

ويبتعدون عن ارتكاب الكبائر .

{ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ }

والذين يتحكمون في أعصابهم عند الغضب ، ويملِكون أنفسهم ، ويغفرون لمن أساء إليهم .

قراءات :

قرأ حمزة والكسائي : والذين يجتنبون كبير الإثم . والباقون : كبائر الإثم .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَجۡتَنِبُونَ كَبَـٰٓئِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡفَوَٰحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمۡ يَغۡفِرُونَ} (37)

{ والذين يجتنبون } عطف على قوله { للذين آمنوا } { كبائر الإثم والفواحش } الشرك وموجبات الحدود { وإذا ما غضبوا هم يغفرون } يتجاوزون ويحلمون

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَجۡتَنِبُونَ كَبَـٰٓئِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡفَوَٰحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمۡ يَغۡفِرُونَ} (37)

ولما كان كل من الإيمان والتوكل امراً باطناً فكان لا بد من دلائله من ظواهر الأعمال ، وكانت تخليات من الرذائل وتحليات بالفضائل وكانت التخليات لكونها درء للمفاسد مقدمة على التحليات التي هي جلب للمصالح قال عاطفاً على { الذين } : { والذين يجتبنون } أي يكلفون أنفسهم أن يحابوا { كبائر الإثم } أي جنس الفعال الكبار التي لا توجد إلا ضمن أفرادها ويحصل بها دنس للنفس ، فيوجب عقاباً لها مع الجسم ، وعطف على { كبائر } قوله : { والفواحش } وهي ما أنكره الشرع والعقل والطبع التي هي آيات الله الثلاث التي نصبها حجة على عباده وله الحجة البالغة فاستعظم الناس أمرها ولو أنها صغائر لدلالتها على الإخلال بالمروءة كسرقة لقمة والإقرار على المعصية من شيخ جليل القدر لمن لا يخشاه ولا يرجوه ، وقرأ حمزة والكسائي : كبير ، وهو للجنس ، فهو بمعنى قراءة الجمع أو هي أبلغ لشمولها المفرد . ولما ذكر ما قد تقود إليه المطامع دون حمل الغضب الصارع قال منبهاً على عظمته معبراً بأداة التحقق دلالة على أنه لا بد منه توطيناً للنفس عليه معلقاً بفعل الغفر : { وإذا } وأكد بقوله : { ما } وقدم الغضب إشارة إلى الاهتمام بإطفاء جمره وتبريد حره فقال : { غضبوا } أي غضباً هو على حقيقته من أمر مغضب في العادة ، وبين بضمير الفصل أن بواطنهم في غفرهم كظواهرهم فقال : { هم يغفرون } أي الإحصاء والإخفاء بأنهم كلما تجدد لهم غضب جددوا غفراً أي محواً للذنب عيناً وأثراً مع القدرة على الانتقام فسجاياهم تقتضي الصفح دون الانتقام ما لم يكن من الظالم بغي لأنه لا يؤاخذ على مجرد الغضب إلا متكبر ، والكبر لا يصلح لغير الإله وذلك لأنه لا يغيب أحلامهم عند اشتداد الأمر ما يغيب أحلام غيرهم من طيش الجهل وسفاهة الرأي ، فدل ذلك على أن الغفر دون غضب لا يعد بالنسبة إلى الغفر معه ، وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم ما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمات الله ، وروى ابن أبي حاتم عن إبراهيم قال : كان المؤمنون يكرهون أن يستذلوا وكانوا أذا قدروا عفوا .