الصفة الثانية : قوله : { وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ } نسقٌ على{[49428]} «الذين » الأولى . وقال أبو البقاء : «الذين يجتنبون » في موضع جر بدلاً من{[49429]} «الَّذِينَ آمَنُوا » ويجوز أن يكون في محل{[49430]} نصب بإضمار «أعْنِي » أو في موضع رفع على تقدير «هُمْ »{[49431]} وهذا وَهَمٌ منه في التلاوة كأنه اعتقد أن القرآن : وعلى ربهم يتوكلون الذين يجتنبون فبنى عليه الثَّلاثة الأوجه وهو بناء فاسد{[49432]} .
قوله : { كَبَائِرَ الإِثْمِ } قرأ الأخوان هنا وفي النجم{[49433]} : «كَبِيرَ الإِثْمِ » : بالإفراد{[49434]} ، والباقون كَبَائِرَ بالجمع في السورتين ، والمفرد هنا في معنى الجمع والرسم الكريم يحتمل القراءتين .
تقدم معنى كبائر الإثم في سورة النساء{[49435]} . قال ابن الخطيب : نقل الزمخشري عن ابن عباس : أن كبير الإثم هو الشرك ، وهو عندي ضعيف لأن شرط الإيمان مذكور وهو يغني عن عدم الشرك ، وقيل : كبائر الإثم ما يتعلق بالبدع واستخراج الشبهات{[49436]} . وأما الفواحش فقال السدي : يعني الزنا . وقال مقاتل : ما يوجب الحدَّ .
قوله : { وَإِذَا مَا غَضِبُواْ } : إذا » منصوبة بيغفرون ، و«يَغْفِرُونَ » خير لهم والجملة بأسرها عطف على الصلة وهي «يجتنبون » ، والتقدير : والذين يجتنبون وهم يغفرون عطف اسمية على فعلية .
ويجوز أن يكون «هم » توكيد للفاعل في قوله : «غضبوا » ، وعلى هذا فيغفرون جواب الشرط{[49437]} . وقال أبو البقاء : هم مبتدأ ، ويغفرون الخبر ، والجملة جواب إذا{[49438]} .
قال شهاب الدين : وهذا غير صحيح ، لأنه لو كان جواباً لإذا لاقترن بالفاء ، تقول : إذا جاء زيدٌ فعمرو منطلق ، ولا يجوز : عمرو ينطلق{[49439]} . وقيل : ( هم ){[49440]} مرفوع بفعل مقدر يفسره «يغفرون » بعده ولما حذف الفعل انفصل الضمير{[49441]} . ولم يستبعده أبو حيان ، وقال : ينبغي أن يجوز ذلك في مذهب سيبويه{[49442]} ، لأنه أجازه في الأداة الجازمة تقول : إنْ يَنْطَلِقْ زَيْدٌ ينطلق تقديره : ينطلق زيد ينطلق فينطلق واقع جواباً ومع ذلك فسَّر الفعل فكذلك هذا . وأيضاً فذلك جائز في فعل الشرط بعدها نحو : إذا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فليجز في جوابها أيضاً{[49443]} .
فصل{[49444]}
وإذا ما غضبوا هم يغفرون يَحْلِمُونَ ويَكْظِمُونَ الغيظ ، وخص الغضب بلفظ الغفران ؛ لأن الغضب على طبع النار واستيلاؤه شديد ومقاومته صعبة ، فلهذا خصه الله تعالى بهذا اللفظ{[49445]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.