تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ} (31)

24

التفسير :

31- { ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم } .

تقوم الحياة على الابتلاء والاختبار ، قال تعالى :

{ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا . . . } ( الملك : 2 ) .

وقال عز شأنه : { إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا } . ( الكهف : 7 ) .

فالله تعالى يعطي الإنسان الإمكانيات ، مثل المال أو الشباب أو العلم ، أو القدرة على الجهاد أو قول الحق ، ثم يكلفه الله تعالى أن يؤدي واجب الجهاد أو الزكاة أو قول الحق ، ليتبين المؤمنين من الكافرين والمنافقين .

جاء في صفوة التفاسير للشيخ محمد علي الصابوني ما يأتي :

{ ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين . . . }

أي : ولنختبرنكم أيها الناس بالجهاد وغيره من التكاليف الشاقة ، حتى نعلم -علم ظهور- المجاهدين في سبيل الله ، والصابرين على مشاق الجهاد .

{ ونبلو أخباركم } . ونختبر أعمالكم ، حسنها وقبيحها .

وجاء في التسهيل لعلوم التنزيل 4/50 ما يأتي :

المراد بقوله : { حتى نعلم } . أي نعلمه ظاهرا في الوجود ، تقوم به الحجة عليكم ، وقد علم الله الأشياء قبل كونها ، ولكنه أراد إقامة الحجة على عباده بما يصدر منهم .

وكان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية بكى وقال : اللهم لا تبتلنا ، فإنك إذا ابتليتنا فضحتنا وهتكت أستارنا )8 .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ} (31)

قوله تعالى : " ولنبلونكم " أي نتعبدكم بالشرائع لان علمنا عواقب الأمور . وقيل : لنعاملنكم معاملة المختبرين . " حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين " عليه . قال ابن عباس : " حتى نعلم " حتى نميز . وقال على رضي الله عنه . " حتى نعلم " حتى نرى . وقد مضى في " البقرة " {[13960]} . وقراءة العامة بالنون في " نبلونكم " و " نعلم " " ونبلو " . وقرأ أبو بكر عن عاصم بالياء فيهن . وروى رويس عن يعقوب إسكان الواو من " نبلو " على القطع مما قبل . ونصب الباقون ردا على قوله : " حتى نعلم " . وهذا العلم هو العلم الذي يقع به الجزاء ، لأنه إنما يجازيهم بأعمالهم لا بعلمه القديم عليهم . فتأويله : حتى نعلم المجاهدين علم شهادة ، لأنهم إذا أمروا بالعمل يشهد منهم ما عملوا ، فالجزاء بالثواب والعقاب يقع على علم الشهادة . " ونبلو أخباركم " نختبرها ونظهرها . قال إبراهيم بن الأشعث : كان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية بكى وقال : اللهم لا تبتلنا فإنك إذا بلوتنا فضحتنا وهتكت أستارنا .


[13960]:راجع ج 2 ص 156 طبعة ثانية.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ} (31)

قوله : { ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين } يخاطب الله المؤمنين بقوله : ولنمتحننكم بألوان البلاء من القتل ومجاهدة الأعداء حتى يتميز الصابرون الصادقون من الخائرين الكاذبين ، أو يتبين المخلصون من الكاذبين { ونبلوا أخباركم } أي نكشفها بالابتلاء فيتبين المطيع من العاصي{[4246]} .


[4246]:تفسير القرطبي جـ 16 ص 251، 253 وتفسير ابن كثير جـ 4 ص 180 وتفسير الرازي جـ 28 ص 70.