تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَلَوۡلَآ أَجَلٞ مُّسَمّٗى لَّجَآءَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ وَلَيَأۡتِيَنَّهُم بَغۡتَةٗ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (53)

{ ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون( 53 ) يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين( 54 ) يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون( 55 ) }

المفردات :

يستعجلونك : يطلبون تعجيل العذاب الذي وغدتهم به .

اجل مسمى : هو الأجل الذي ضربه الله لوقوع العذاب .

بغتة : فجأة بدون توقع .

لا يشعرون : لا يتوقعون نزوله بهم .

التفسير :

{ ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون } .

أي ويستعجلونك كفار مكة بنزول العذاب بهم ، استهتارا وتحديا لك مثل قولهم : { وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } . ( الأنفال : 32-33 ) .

{ ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون } .

ولولا أن الله سبحانه وتعالى لا يعجل لعجلة العباد ، وقد اقتضت حكمته إمهال الظالمين رجاء هدايتهم ، أو تحقيق الثواب للمؤمنين من أجل امتحانهم وطول بلائهم ، أو لتخرج من ظهور الكافرين ذرية صالحة تعبد الله وتهتدي بهدايته أو لغير ذلك من حكم إلهية عليا يعلمها الله من بينها : أنه يريد إمهال الظالمين إعذارا لهم ، أو استدراجا حتى يكون عذابهم عادلا قال تعالى : { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاءهم أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا } . ( فاطر : 45 ) .

وخلاصة المعنى : لولا أن الله تعالى حدد أجلا مسمى لنزول العذاب بهم لجاءهم العذاب عاجلا في الدنيا .

{ وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون } .

وسوف يأتينهم العذاب فجأة وهم لا يحسون بمجيئه بل يكونون في غفلة عنه .

ويشمل المعنى ما أصابهم يوم بدر حيث فاجأهم القتل والأسر وهم في غرور وتيه وكبرياء ، لا يتصورون معه أن يصيبهم مثل ما أصابهم .

أو المراد : وليأتينهم العذاب وهم قارون آمنون لا يخطر ببالهم أن ينزل بهم العذاب كشأن العقوبات النازلة على بعض الأمم السابقة بيانا وهم نائمون أو ضحى وهم يلعبون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَلَوۡلَآ أَجَلٞ مُّسَمّٗى لَّجَآءَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ وَلَيَأۡتِيَنَّهُم بَغۡتَةٗ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (53)

{ 53 - 55 } { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ * يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

يخبر تعالى عن جهل المكذبين للرسول وما جاء به ، وأنهم يقولون -استعجالا للعذاب ، وزيادة تكذيب- { مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } ؟

يقول تعالى : { وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى } مضروب لنزوله ، ولم يأت بعد ، { لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ } بسبب تعجيزهم لنا وتكذيبهم الحق ، فلو آخذناهم بجهلهم ، لكان كلامهم أسرع لبلائهم وعقوبتهم ، ولكن -مع ذلك- فلا يستبطئون{[2]} نزوله ، فإنه سيأتيهم { بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ }

فوقع كما أخبر اللّه تعالى ، لما قدموا ل " بدر " بطرين مفاخرين ، ظانين

أنهم قادرون على مقصودهم ، فأهانهم{[3]} اللّه ، وقتل كبارهم ، واستوعب جملة أشرارهم ، ولم يبق فيهم بيت إلا أصابته تلك المصيبة ، فأتاهم العذاب من حيث لم يحتسبوا ، ونزل بهم وهم لا يشعرون .


[2]:- في ب: وأسقامها.
[3]:- في ب: بتمييز.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَلَوۡلَآ أَجَلٞ مُّسَمّٗى لَّجَآءَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ وَلَيَأۡتِيَنَّهُم بَغۡتَةٗ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (53)

قوله تعالى : { ويستعجلونك بالعذاب } نزلت في النضر بن الحارث حين قال : فأمطر علينا حجارة من السماء ، { ولولا أجل مسمى } قال ابن عباس : ما وعدتك أني لا أعذب قومك ولا أستأصلهم وأؤخر عذابهم يعني : لأنهم إذا ماتوا صاروا إلى العذاب . وقيل : يوم بدر{ لجاءهم العذاب ولبأتينهم } يعني : العذاب وقيل الأجل ، { بغتة وهم لا يشعرون } بإتيانه .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَلَوۡلَآ أَجَلٞ مُّسَمّٗى لَّجَآءَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ وَلَيَأۡتِيَنَّهُم بَغۡتَةٗ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (53)

ولما كان قولهم مرة واحدة " لولا أنزل عليه آية " عجباً ، أتى بعد إخباره بخسارتهم بأعجب منه ، وهو استمرار استعجالهم بما لا قدرة لهم على شيء منه من عذاب الله فقال : { ويستعجلونك } أي يطلبون تعجيلك في كل وقت { بالعذاب } ويجعلون تأخره عنهم شبهة لهم فيما يزعمون من التكذيب { ولولا أجل مسمى } قد ضرب لوقت عذابهم لا تقدم فيه ولا تأخر { لجاءهم العذاب } وقت استعجالهم ، لأن القدرة تامة والعلم محيط .

ولما أفهم هذا أنه لا بد من إتيانه ، صرح به في قوله مؤكداً رداً على استهزائهم المتضمن للإنكار : { وليأتينهم } ثم هوّله بقوله : { بغتة } وأكد معناها بقوله : { وهم لا يشعرون* } بل هم في غاية الغفلة عنه والاشتغال بما ينسيه ،