تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَهۡلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوۡ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (28)

ختام سورة تبارك

{ قل أرأيتم إن أهلكني ربي ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم 28 قل هو الرحمان آمنا به وعليه توكّلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين 29 قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتكم بماء معين 30 }

المفردات :

أرأيتم : أخبروني أو أروني .

يجير الكافرين : يمنعهم أو ينجيهم أو يؤمّنهم .

28

التفسير :

28- قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم .

أنتم مصرّون على الكفر ، ولا يجير الكافرين من عذاب الله سوى التوبة والإسلام والإيمان ، وكان الكفار يتمنون وقوع الهلاك لمحمد وأصحابه .

قال تعالى : أم يقولون شاعر نتربّص به ريب المنون* قل تربصوا فإني معكم من المتربّصين . ( الطور : 30 ، 31 ) .

وخلاصة معنى الآية :

سواء متنا أو قتلنا فإننا سننتقل إلى الجنة ، وإذا رحمنا الله بالنصر عليكم فسيكون لنا عز الدنيا وشرف الآخرة . أما الكفار فمن ينقذهم من الهزيمة في الدنيا ، أو عذاب جهنم يوم القيامة ؟

والآية تضع الظاهر مكان المضمر ، كأنها تستدرجهم للتفكير في الإيمان ، فهي لم تقل : فمن يجيركم من عذاب أليم . وكأنها تفتح الباب للمخاطبين للتراجع عن الكفر ، أو لا تجبههم بأنهم كفّار ، لعلهم أن يتركوا العناد إلى التفكير في الإيمان .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَهۡلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوۡ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (28)

ولما كان المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم ، [ الذين ] يردون دعوته ، ينتظرون هلاكه ، ويتربصون به ريب المنون ، أمره الله أن يقول لهم : أنتم{[1184]}  وإن حصلت لكم أمانيكم{[1185]}  وأهلكني الله ومن معي ، فليس ذلك بنافع لكم شيئًا ، لأنكم كفرتم بآيات الله ، واستحققتم العذاب ، فمن يجيركم من عذاب أليم قد تحتم وقوعه بكم ؟ فإذًا ، تعبكم وحرصكم على هلاكي غير مفيد ولا مجد لكم شيئًا . ومن قولهم ، إنهم على هدى ، والرسول على ضلال ، أعادوا في ذلك وأبدوا ، وجادلوا عليه وقاتلوا ،


[1184]:- في ب: إنكم.
[1185]:في ب: أمنيتكم.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَهۡلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوۡ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (28)

{ قل } يا محمد لمشركي مكة الذين يتمنون هلاكك ، { أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي } من المؤمنين ، { أو رحمنا } فأبقانا وأخر آجالنا ، { فمن يجير الكافرين من عذاب أليم } فإنه واقع بهم لا محالة . وقيل : معناه أرأيتم إن أهلكني الله فعذبني ومن معي أو رحمنا فغفر لنا ، فنحن -مع إيماننا- خائفون أن يهلكنا بذنوبنا ، لأن حكمه نافذ فينا ، { فمن يجير الكافرين } فمن يجيركم ويمنعكم من عذابه وأنتم كافرون ؟ وهذا معنى قول ابن عباس .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَهۡلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوۡ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (28)

{ قل أرأيتم إن أهلكني الله } فعذبني { ومن معي أو رحمنا } غفر لنا { فمن يجير الكافرين من عذاب أليم } يعني : نحن مع ايماننا خائفون ، نخاف عذاب الله ونرجو رحمته ، فمن يمنعكم من عذابه وأنتم كافرون .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَهۡلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوۡ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (28)

{ قل أرأيتم إن أهلكني الله } الآية : سببها أن الكفار كانوا يتمنون هلاك النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين ، فأمره الله أن يقول لهم : " إن أهلكني الله وأهلك من معي أو رحمنا ، فإنكم لا تنجون من العذاب الأليم " على كل حال . والهلاك هنا يحتمل أن يراد به الموت أو غيره . ومعنى { فمن يجير الكافرين من عذاب أليم } من يمنعهم من العذاب .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَهۡلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوۡ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (28)

ولما كان من المعلوم أن من نهى آخر عن هواه وبالغ في ذلك ، أبغضه ذلك الناهي وتمنى هلاكه ، فكيف إذا والى عليه الإنذار والتخويف بما لا يصل إلى دركه عقله ، ولا يرى له مقدمة{[67129]} بتحققها ، وكان الكفار يسعون في هلاك النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعه كل سعي ، وكان هلاك{[67130]} النذير إنما ينفع المنذر على تقدير نجاته من هول ما كان يحذره منه النذير ، أمره سبحانه أن{[67131]} يذكرهم بهذا لينظروا في ذلك المتوعد به ، فإن كان ممكناً سعوا في الخلاص مما قد يكون منه من العذاب ، وسلكوا في الهرب منه مسلكاً سهلاً بعيداً من سوء الانقلاب ، ودخلوا إلى فسيح المانع منه من أوسع باب ، أو كفوا{[67132]} عن السعي في هلاك النذير ، وطووا ما مدوا له من الأسباب ، ليدلهم إذا كان صادقاً على شيء يحميهم ، أو يخفف عنهم ذلك المصاب ، فقال منبهاً على شدة الحذر من مكر الله ، وعدم الاغترار به{[67133]} للمؤمن الطائع ، لعلمه أنه لا يقدر أن يقدر الله حق قدره ، فكيف بالعاصي فضلاً عن الكافر ، مكرراً للأمر بالقول تنبيهاً على أن كل جملة صدرت به ، كافية في الدلالة على مقصود السورة ، وعائدة إليه لما{[67134]} اشتملت عليه من باهر القدرة ووافر العظمة : { قل } أي {[67135]}يا أفضل الخلق كلهم وأشرفهم وأعظمهم وأتقاهم{[67136]} لهؤلاء الذين طال تضجرهم منك ، وهم يتمنون هلاكك {[67137]}حسداً منهم ، وعمى في قلوبهم ، وبعداً وطرداً ، قد استحكم واستدار بهم ، ذلك تقدير العزيز العليم{[67138]} { أرءيتم } أي أخبروني خبراً أنتم في الوثوق به على ما هو كالرؤية .

ولما كانوا غير عالمين بعاقبة الأمر في هلاكه ومن معه بما يقصدونهم به ، حذرهم عاقبة ذلك بالتعبير بأداة الشك ، وإسناد الإهلاك إلى الله ، معبراً عن الاسم الدال على تناهي العظمة إلى حد لا يدع لغيره منها شيئاً ، إعلاماً بأنه على القطع بأنه لا شيء في أيديهم ، فهو لا يخافهم بوجه فقال : { إن أهلكني } أي أماتني بعذاب أو غيره { الله } أي{[67139]} الذي له من صفات{[67140]} الجلال والإكرام ما يعصم به وليه ويقصم به عدوه ، { ومن معي } أي من المؤمنين والمناصرين رضي الله عنهم أجمعين بغضبه علينا ، مع ما لنا من الأسباب بالطاعة بالأعمال الصالحة ، التي رتب سبحانه عليها الفوز والنجاة ، حتى لا يبقى أحد{[67141]} ممن يكدر عليكم بالمنع من الهوى القائد إلى{[67142]} القوى ، والحث على العقل الضامن للنجاة . { أو رحمنا } بالنصرة وإظهار الإسلام كما نرجو ، فأنجانا{[67143]} بذلك من كل سوء ، ووقانا كل محذور ، وأنالنا كل سرور ، فالآية من الاحتباك : ذكر الإهلاك أولاً دليلاً على النجاة ثانياً ، والرحمة ثانياً دليلاً على الغضب أولاً . { فمن } وكان ظاهر الحال يقتضي : يجيركم مع طلبكم المسببات من الفوز والنجاة بغير أسباب ، بل بأسباب{[67144]} منافية للنجاة ، جالبة للعذاب ، فوضع الظاهر موضع الضمير {[67145]}تعميماً وتعليقاً{[67146]} للحكم بالوصف ، واستعطافاً لهم إلى إيقاع الإيمان والرجوع عن الكفران ، فقال : { يجير الكافرين } أي العريقين في الكفر ، بأن يدفع{[67147]} عنهم ما يدفع الجار عن جاره { من عذاب أليم * } يصيبهم به الذي{[67148]} هم عالمون بأنه لا شيء إلا{[67149]} بيده ، وإلا لنجى أحد من الموت الذي خلقه وقدره بين عباده ، جزاء على ما كانوا يؤلمون من يدعوهم إليه وينصحهم فيه ، فإذا كان لا ينجيهم من عذابه شيء ، سواء متنا أو بقينا ، فالذي ينبغي لهم إن كانوا عقلاء ، السعي فيما ينجي من عذابه ، لا السعي في إهلاك من هو ساع في خلاصهم من العذاب ، ولا يقدرون على إهلاكه أصلاً ، إلا بتقدير الذي أمره بإنذارهم .


[67129]:- من ظ وم، وفي الأصل: مقدمته.
[67130]:- من ظ وم، وفي الأصل: إهلاك.
[67131]:- من ظ وم، وفي الأصل: بأن.
[67132]:- من ظ وم، وفي الأصل: وكفوا.
[67133]:- زيد من ظ وم.
[67134]:- من ظ وم، وفي الأصل: إلى ما.
[67135]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67136]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67137]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67138]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67139]:- زيد من ظ وم.
[67140]:- سقط من ظ وم.
[67141]:- من ظ وم، وفي الأصل: أحدا.
[67142]:- من ظ وم، وفي الأصل: على.
[67143]:- من ظ وم، وفي الأصل: فانجدنا.
[67144]:- من ظ وم، وفي الأصل: أسباب.
[67145]:- من ظ وم، وفي الأصل: تعليقا وتعميما.
[67146]:- من ظ وم، وفي الأصل: تعليقا وتعميما.
[67147]:- من ظ وم، وفي الأصل: بديع.
[67148]:- من ظ وم، وفي الأصل: الذين.
[67149]:- زيد من ظ وم.