تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَفَمَن كَانَ مُؤۡمِنٗا كَمَن كَانَ فَاسِقٗاۚ لَّا يَسۡتَوُۥنَ} (18)

{ أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون( 18 ) أما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون( 19 ) وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون( 20 ) ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون( 21 ) ومن أظلم ممن ذكر بئايات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون( 22 ) }

المفردات :

مؤمنا : مصدقا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر .

فاسقا : كافرا خارجا من الإيمان وأحكام الشرع فهو أعم من الكفر وأصل الفسق الخروج يقال : فسقت الثمرة إذا خرجت من قشرها .

18

التفسير :

{ أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون . . }

استفهام موجه لكل من يتأتى منه الخطاب فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب أي : أيستوي المؤمن الصالح المستقيم المطيع لربه المؤمن برسوله الملتزم بأصول دينه والفاسق الذي خرج على هدى السماء وكذب بالرسول واجترا على معصية الله ؟ .

{ لا يستوون . . . . } أي : لم يستويا في الدنيا من ناحية العمل والسلوك والاعتقاد فليس من المناسب أن يستويا في الآخرة من ناحية الجزاء والثواب والعقاب .

قال تعالى : أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون . ( الجاثية : 21 ) .

وقال تعالى : لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون . ( الحشر : 20 ) .

وقال سبحانه وتعالى : أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم تجعل المتقين كالفجار . ( ص : 28 ) .

وتتلاقى هذه الآيات على تأكيد عدالة السماء وأن الله سبحانه وتعالى لا يسوي في الجزاء بين المؤمن المستقيم البار الذي يعمل الصالحات والفاسق المنحرف الذي يعمل السيئات لقد اختلفا في العمل فوجب أن يختلفا في الجزاء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَمَن كَانَ مُؤۡمِنٗا كَمَن كَانَ فَاسِقٗاۚ لَّا يَسۡتَوُۥنَ} (18)

{ 18 - 20 } { أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ }

ينبه تعالى ، العقول على ما تقرر فيها ، من عدم تساوي المتفاوتين المتباينين ، وأن حكمته تقتضي عدم تساويهما فقال : { أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا } قد عمر قلبه بالإيمان ، وانقادت جوارحه لشرائعه ، واقتضى إيمانه آثاره وموجباته ، من ترك مساخط اللّه ، التي{[684]}  يضر وجودها بالإيمان .

{ كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا } قد خرب قلبه ، وتعطل من الإيمان ، فلم يكن فيه وازع ديني ، فأسرعت جوارحه بموجبات الجهل والظلم ، من كل إثم ومعصية ، وخرج بفسقه عن طاعة الله .

أفيستوي هذان الشخصان ؟ .

{ لَا يَسْتَوُونَ } عقلاً وشرعًا ، كما لا يستوي الليل والنهار ، والضياء والظلمة ، وكذلك لا يستوي ثوابهما في الآخرة .


[684]:- كذا في ب وفي أ: الذي.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَفَمَن كَانَ مُؤۡمِنٗا كَمَن كَانَ فَاسِقٗاۚ لَّا يَسۡتَوُۥنَ} (18)

قوله عز وجل :{ أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون } نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط أخي عثمان لأمه ، وذلك أنه كان بينهما تنازع وكلام في شيء ، فقال الوليد بن عقبة لعلي اسكت فإنك صبي وأنا والله أبسط منك لساناً ، وأحد منك سناناً ، وأشجع منك جناناً ، وأملأ حشواً في الكتيبة . فقال له علي : اسكت فإنك فاسق ، فأنزل الله تعالى : { أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون } ولم يقل : لا يستويان ، لأنه لم يرد مؤمناً واحداً وفاسقاً واحداً ، بل أراد جميع المؤمنين وجميع الفاسقين .