وتطلق الزبانية في كلام العرب على رجال الشرطة الذي يزبنون الناس ، أي يدفعونهم إلى ما يريدون دفعهم إليه بقوة وشدة وغلظة ، ومنه قولهم : حرب زبون ، إذا اشتد الدفع والقتال فيها . وناقة زبون ، إذا كانت تركل كل من يحلبها .
والمراد بالآية : سندعو له زبانية جهنم ، أي ملائكة العذاب ، لأخذه هو وأعوانه .
وجاء في تفسير القرطبي عن ابن عباس : لو دعا ناديه لأخذته ملائكة العذاب من ساعته .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
فليدع أبو جهل أهل مجلسه وأنصاره ، من عشيرته وقومه ، والنادي : هو المجلس . وإنما قيل ذلك فيما بلغنا ، لأن أبا جهل لما نهى النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند المقام ، انتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأغلظ له ، فقال أبو جهل : علام يتوعدني محمد، وأنا أكثر أهل الوادي ناديا ؟ فقال الله جلّ ثناؤه : { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعا بالنّاصِيَةِ } ، فليدع حينئذٍ ناديه ، فإنه إن دعا ناديه ، دعونا الزبانية . ...
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
والزبانية هم الملائكة من خزنة جهنم ، وهم أعظم الملائكة خلقاً وأشدهم بطشاً ، والعرب تطلق هذا الاسم على من اشتد بطشه ،
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
( سندع ) نحن ( الزبانية ) يعني الملائكة الموكلين بالنار ...
تفسير القرآن الكريم لابن عثيمين 1421 هـ :
يعني عندنا من هم أعظم من نادي هذا الرجل وهم الزبانية ملائكة النار ، وقد وصف الله ملائكة النار بأنهم غلاظ شداد ، غلاظ في الطباع ، شداد في القوة
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
( سندع الزبانية ) ليعلم هذا الجاهل الغافل أنّه عاجز عن فعل أي شيء ، وإنّه في قبضة خزنة جهنم كقشة في مهبّ الريح ...و«النادي » في الآية يقصد به القوم الذين يجتمعون في النادي . وأرادت منه الآية اُولئك الذين يستند إليهم أمثال أبي جهل من أهل وعشير وأصحاب . و«الزبانية »..... هنا بمعنى ملائكة العذاب وخزنة جهنم .
قوله تعالى : " فليدع ناديه " أي أهل مجلسه وعشيرته ، فليستنصر بهم . " سندع الزبانية " أي الملائكة الغلاط الشداد - عن ابن عباس وغيره - واحدهم زبني . قاله الكسائي . وقال الأخفش : زابن . أبو عبيدة : زبنية . وقيل : زباني . وقيل : هو اسم للجمع ، كالأبابيل والعباديد . وقال قتادة : هم الشرط في كلام العرب . وهو مأخوذ من الزبن وهو الدفع ، ومنه المزابنة{[16221]} في البيع . وقيل : إنما سموا الزبانية لأنهم يعملون بأرجلهم ، كما يعملون بأيديهم ، حكاه أبو الليث السمرقندي - رحمه اللّه - قال : وروي في الخبر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما قرأ هذه السورة ، وبلغ إلى قوله تعالى : " لنسفعا بالناصية " قال أبو جهل : أنا أدعو قومي حتى يمنعوا عني ربك . فقال اللّه تعالى : " فليدع ناديه ، سندع الزبانية " . فلما سمع ذكر الزبانية رجع فزعا ، فقيل له : خشيت منه . قال : لا ، ولكن رأيت عنده فارسا يهددني بالزبانية . فما أدري ما الزبانية ، ومال إلي الفارس ، فخشيت منه أن يأكلني . وفي الأخبار أن الزبانية رؤوسهم في السماء وأرجلهم في الأرض ، فهم يدفعون الكفار في جهنم ، وقيل : إنهم أعظم الملائكة خلقا ، وأشدهم بطشا . والعرب تطلق هذا الاسم على من اشتد بطشه . قال الشاعر :
مطاعيمُ في القُصْوَى مطاعينُ في الوَغَى*** زبانيةٌ غُلْب عِطَامٌ حُلُومُهَا{[16222]}
وعن عكرمة عن ابن عباس : " سندع الزبانية " قال : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن على عنقه . فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ( لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ) . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب . وروى عكرمة عن ابن عباس قال : مر أبو جهل على النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يصلي عند المقام ، فقال : ألم أنهك عن هذا يا محمد فأغلظ له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال أبو جهل : بأي شيء تهددني يا محمد ، واللّه إني لأكثر أهل الوادي هذا ناديا ، فأنزل اللّه عز وجل : " فليدع ناديه . سندع الزبانية " . قال ابن عباس : واللّه لو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب من ساعته . أخرجه الترمذي بمعناه ، وقال : حسن غريب صحيح . والنادي في كلام العرب : المجلس الذي ينتدي فيه القوم ، أي يجتمعون ، والمراد أهل النادي ، كما قال جرير :
لهم مجلسٌ صُهْبُ السِّبَالِ أذِلَّةٌ{[16223]}
وفيهمْ مقاماتٌ حسان وُجُوههم{[16224]}
واسْتَبَّ بعدك يا كُلَيْبُ المجلِسُ{[16225]}
وقد ناديت الرجل أناديه إذا جالسته . قال زهير :
وجارُ البيتِ والرجلُ المنادي *** أمامَ الحي عقدُهُمَا سَوَاءُ
ولما كان كأنه قيل : فلو دعا ناديه يكون ماذا ؟ قال : { سندع } أي بوعد لا خلف فيه { الزبانية * } أي الأعوان الموكلين بالنار ليجروه إليها ، وهم في الأصل الشرط ، الواحد زبنية كهبرية ، من الزبن وهو الدفع ، أو زبني على النسبة ، أصلها زباني ، والتاء عوض عن الياء ، وهم كل من عظم خلقه ، واشتد بطشه ، وقد اجتمعت المصاحف العثمانية على حذف الواو من هذا الفعل خطأ ، ولا موجب لحذفه من العربية لفظاً ، وكأن المعنى في ذلك - والله أعلم - أن لا يظن أنهم دعوا لرفعة لهم في ذواتهم يستعان بهم بسببها ؛ لأن معنى الواو عند الربانيين العلو والرفعة ، إشارة إلى أنهم لا قوة لهم إلا بالقوي العزيز ، أو يقال : إن الحذف دال على تشبيه الفعل بالأمر ليدل على أن هذا الدعاء أمر لا بد من إيقاع مضمونه ، ومن إجابة المدعوين إلى ما دعوا إليه ، وأن ذلك كله يكون على غاية الإحكام ، والاتساق بين خطه ومعناه والانتظام ، لا سيما مع التأكيد بالسين ، الدال على تحتم الاتحاد والتمكين ، أو يكون المعنى : إنا ندعوهم بأيسر دعاء وأسهل أمر ، فيكون منهم ما لا يطاق ولا يستطاع دفاعه بوجه ، فكيف لو أكدنا دعوتهم وقوينا عزمتهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.