تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لِيَأۡكُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَيۡدِيهِمۡۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (35)

33

{ 35 { لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ } .

ليأكلوا من ثمار النخيل والأعناب ، طعاما وغذاء وفاكهة ، لم تعمله أيديهم ، فالمطر لم ينزلوه ، والنبات لم ينبتوه ، والهواء والماء والليل والنهار والفضاء والتربة ، كل ذلك لم يصنعوه ، وهي عناصر أساسية لاستكمال حياة التمر والعنب وسائر النباتات ، فهلاّ شكروا الله الخالق الرازق .

ويجوز أن يكون معنى الآية :

ليأكلوا من ثمار التمر والعنب ، ومما صنعته أيديهم من التمر ، كالعصير والدِّبّس والتمور المصنَّعة المعلبة ، والزبيب المجفف .

وقال الزمخشري :

وما عملته أيديهم من الغرس والسقي والآبار ، وغير ذلك من الأعمال إلى أن بلغ منتهاه ، وإبّان أكله ، يعني أنّ الثمر في نفسه فعل الله وخلقه ، وفيه آثار من كدّ بني آدم . ا ه .

{ أَفَلا يَشْكُرُونَ } . الخالق الذي يسر لهم ذلك ، وأرشدهم إلى الاستفادة به ، وحثهم على الشكر ، واستخدام النعمة فيما خلقت له ، وإخراج زكاتها ، وإطعام الناس منها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لِيَأۡكُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَيۡدِيهِمۡۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (35)

جعلنا في الأرض تلك الأشجار ، والنخيل والأعناب ، { لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ } قوتا وفاكهة ، وأدْمًا ولذة ، { و } الحال أن تلك الثمار { مَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ } [ وليس لهم فيه صنع ، ولا عمل ، إن هو إلا صنعة أحكم الحاكمين ، وخير الرازقين ، وأيضا فلم تعمله أيديهم ] بطبخ ولا غيره ، بل أوجد اللّه هذه الثمار ، غير محتاجة لطبخ ولا شيّ ، تؤخذ من أشجارها ، فتؤكل في الحال . { أَفَلَا يَشْكُرُونَ } من ساق لهم هذه النعم ، وأسبغ عليهم من جوده وإحسانه ، ما به تصلح أمور دينهم ودنياهم ، أليس الذي أحيا الأرض بعد موتها ، فأنبت فيها الزروع والأشجار ، وأودع فيها لذيذ الثمار ، وأظهر ذلك الجنى من تلك الغصون ، وفجر الأرض اليابسة الميتة بالعيون ، بقادر على أن يحيي الموتى ؟ بل ، إنه على كل شيء قدير .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لِيَأۡكُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَيۡدِيهِمۡۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (35)

{ ليأكلوا من ثمره } : الهاء في { ثمره } تعود على ماء العيون ؛ لأن الثمر منه اندرج . قاله الجرجاني والمهدوي وغيرهما . وقيل : أي ليأكلوا من ثمر ما ذكرنا ، كما قال : { وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه } [ النحل : 66 ] . وقرأ حمزة والكسائي :{ من ثمره }بضم الثاء والميم . وفتحهما الباقون . وعن الأعمش ضم الثاء وإسكان الميم . وقد مضى الكلام فيه في " الأنعام " {[13210]} . { وما عملته أيديهم } :{ ما } في موضع خفض على العطف على { من ثمره } أي : ومما عملته أيديهم . وقرأ الكوفيون : { وما عملت } بغير هاء . الباقون { عملته } على الأصل من غير حذف . وحذف الصلة أيضا في الكلام كثير لطول الاسم . ويجوز أن تكون { ما } نافية لا موضع لها فلا تحتاج إلى صلة ولا راجع . أي : ولم تعمله أيديهم من الزرع الذي أنبته الله لهم . وهذا قول ابن عباس والضحاك ومقاتل . وقال غيرهم : المعنى ومن الذي عملته أيديهم أي : من الثمار ، ومن أصناف الحلاوات والأطعمة ، ومما اتخذوا من الحبوب بعلاج كالخبز والدهن المستخرج من السمسم والزيتون . وقيل : يرجع ذلك إلى ما يغرسه الناس . روي معناه عن ابن عباس أيضا{ أفلا يشكرون } نعمه .


[13210]:راجع ج 7 ص 49 وما بعدها طبعة أولى أو ثانية.