أبق : هرب ، وأصل الإباق : هروب العبد من سيده بغير إذنه ، فاستعير لهرب يونس من قريته قبل أن يأذن له ربُّه .
140- { إذ أبق إلى الفلك المشحون } .
وخلاصة قصة يونس كما ذكرها الآلوسي وغيره من المفسرين :
أن الله تعالى أرسله إلى أهل نينوى بالعراق ، في حوالي القرن الثامن قبل الميلاد ، فدعاهم إلى إخلاص العبادة لله تعالى ، فاستعصوا عليه ، فضاق بهم ذرعا ، وأخبرهم أن العذاب سيأتيهم خلال ثلاثة أيام ، فلما كان اليوم الثالث خرج يونس من بلد قومه ، قبل أن يأذن الله له بالخروج ، فلما افتقده قومه آمنوا ، وتابوا وتضرعوا بالدعاء إلى الله قبل أن ينزل بهم العذاب ، أما يونس عليه السلام فقد ترك قومه ، وركب سفينة مشحونة بالناس ، ثم سارت السفينة واحتواها البحر ، وفي وسط اللجة ماجت واضطربت وكادت تغرق وكان من تدبير ركاب السفينة التخفيف من أحمالها ، ثم التخفيف من ركابها ، ليسلم الباقون ، فأجريت القرعة ثلاث مرات ، وفي كل مرة تصيب نبي الله يونس ، فقال أنا العبد الآبق ، أي : هربت من قومي حين ضقت بهم ذرعا ، فألقى بنفسه في البحر .
وذكر تعالى عنه ، أنه عاقبه عقوبة دنيوية ، أنجاه منها بسبب إيمانه وأعماله الصالحة ، فقال : { إِذْ أَبَقَ }
أي : من ربه مغاضبا له ، ظانا أنه لا يقدر عليه ، ويحبسه في بطن الحوت ، ولم يذكر اللّه ما غاضب عليه ، ولا ذنبه الذي ارتكبه ، لعدم فائدتنا بذكره ، وإنما فائدتنا بما ذُكِّرنا عنه أنه أذنب ، وعاقبه اللّه مع كونه من الرسل الكرام ، وأنه نجاه بعد ذلك ، وأزال عنه الملام ، وقيض له ما هو سبب صلاحه .
فلما أبق لجأ { إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ } بالركاب والأمتعة ، فلما ركب مع غيره ، والفلك شاحن ، ثقلت السفينة ، فاحتاجوا إلى إلقاء بعض الركبان ، وكأنهم لم يجدوا لأحد مزية في ذلك ، فاقترعوا على أن من قرع وغلب ، ألقي في البحر عدلا من أهل السفينة ، وإذا أراد اللّه أمرا هيأ أسبابه .
الثانية- قوله تعالى : " إذ أبق " قال المبرد : أصل أبق تباعد ؛ ومنه غلام آبق . وقال غيره : إنما قيل ليونس أبق ؛ لأنه خرج بغير أمر الله عز وجل مستترا من الناس . " إلى الفلك المشحون " أي المملوءة " والفلك " يذكر ويؤنث ويكون واحدا وجمعا وقد تقدم{[13304]} . قال الترمذي الحكيم : سماه آبقا لأنه أبق عن العبودية ، وإنما العبودية ترك الهوى وبذل النفس عند أمور الله ، فلما لم يبذل النفس عندما اشتدت عليه العزمة من الملك حسبما تقدم بيانه في " الأنبياء " ، وآثر هواه لزمه اسم الآبق ، وكانت عزمة الملك في أمر الله لا في أمر نفسه ، وبحظ حق الله لا بحظ نفسه ، فتحرى يونس فلم يصب الصواب الذي عند الله فسماه آبقا ومليما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.