تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمَا كُنتَ تَتۡلُواْ مِن قَبۡلِهِۦ مِن كِتَٰبٖ وَلَا تَخُطُّهُۥ بِيَمِينِكَۖ إِذٗا لَّٱرۡتَابَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (48)

{ وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذ لارتاب المبطلون } .

المفردات :

الارتياب : الشك .

المبطلون *** : اتباع الباطل وهم الكافرون .

التفسير :

ما كنت يا محمد كاتبا ولا قارئا بل كنت أميا لا تعرف القراءة والكتابة ، لحكمة إلهية عليا هي نفى التهمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه نقا هذا القرآن من الكتب السابقة ثم ادعى أنه من عند الله .

وهكذا يفند القرآن شبه الكافرين حتى الطفولي منها فمحمد صلى الله عليه وسلم عاش بين قومه مدة من الزمان عرفوا وتيقنوا بصدقه وأمانته ، حتى قال هرقل ملك الروم لأبي سفيان هل جربتم عليه الكذب ؟ قال أبو سفيان : لا ، فقال هرقل : ما كان ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله .

ومع وضوح الدلالة والحجة على صدق القرآن وشهادة الأعداء بأنه فوق طاقة البشر وأن له حلاوة وعليه طلاوة ، وكلما تكرر حلا ، وما يستطيع أن يقول مثله بشر مع شهادة صناديد الكفر بأن القرآن فوق طاقة البشر وأن مصدره قوة عليا فقد ادعى بعض المشركين أن محمدا نقل أساطير الأولين وعلومهم ، ثم صاغها من عنده مدعيا أنها قرآن من عند الله قال تعالى : { وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه* بكرة وأصيلا قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفورا رحيما } ( الفرقان : 5-6 ) .

روى الطبري عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أميا لا يقرأ شيئا ولا يكتب .

وقال ابن كثير : المعنى : قد لبثت في قومك يا محمد من قبل أن تأتي بهذا القرآن عمرا لا تقرأ كتابا ولا تحسن الكتابة ، بل كل أحد من قومك يعرف أنك أمي لا تقرا ولا تكتب ، وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائما إلى يوم الدين لا يحسن الكتابة ، ولا يخط حرفا ولا سطرا بيده ، بل كان له كتّاب يكتبون له الوحي والرسائل إلى الأقاليم وما أورده بعضهم من الحديث ، أنه لم يمت حتى تعلم الكتابة فضعيف لا أصل له . 25

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا كُنتَ تَتۡلُواْ مِن قَبۡلِهِۦ مِن كِتَٰبٖ وَلَا تَخُطُّهُۥ بِيَمِينِكَۖ إِذٗا لَّٱرۡتَابَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (48)

ومما يدل على صحته ، أنه جاء به هذا النبي الأمين ، الذي عرف قومه صدقه وأمانته ومدخله ومخرجه وسائر أحواله ، وهو لا يكتب بيده خطا ، ولا يقرأ خطا مكتوبا ، فإتيانه به في هذه الحال ، من أظهر البينات القاطعة ، التي لا تقبل الارتياب ، أنه من عند اللّه العزيز الحميد ، ولهذا قال : { وَمَا كُنْتَ تَتْلُو } أي : تقرأ { مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا } لو كنت بهذه الحال { لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ } فقالوا : تعلمه من الكتب السابقة ، أو استنسخه منها ، فأما وقد نزل على قلبك ، كتابا جليلا ، تحديت به الفصحاء والبلغاء ، الأعداء الألداء ، أن يأتوا بمثله ، أو بسورة من مثله ، فعجزوا غاية العجز ، بل ولا حدثتهم أنفسهم بالمعارضة ، لعلمهم ببلاغته وفصاحته ، وأن كلام أحد من البشر ، لا يبلغ أن يكون مجاريا له أو على منواله ، ولهذا قال : { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ } .