تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا كُنتَ تَتۡلُواْ مِن قَبۡلِهِۦ مِن كِتَٰبٖ وَلَا تَخُطُّهُۥ بِيَمِينِكَۖ إِذٗا لَّٱرۡتَابَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (48)

الآية 48 وقوله تعالى : { وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك } تأويله ، والله أعلم : أي ما كنت تتلو من قبله أي من قبل هذا الكتاب من كتاب ، ولو كنت تتلو { لارتاب المبطلون } فيقولون : إن ما أنبأتهم من الأنباء المتقدمة أو كلام الحكمة إنما [ تلقّفته ، وأخذته ]( {[15820]} ) من تلك الكتب المتقدمة أو كتب الحكماء ، ولو كنت تخطه بيمينك يقولون : إن ذلك من تأليفك ووضعك لأن القرآن حجة عليهم من وجهين :

أحدهما : ما ذكر فيه من الأنباء المتقدمة المترجمة بغير لسان المتقدم ما علموا بأجمعهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفها بمترجم ، ولا شهدها هو ، ثم أنبأهم على ما كانت( {[15821]} ) ، فعلموا أنه بالله عرفها .

والثاني : هو آية معجزة نظما ووصفا ، ما يعلمون أنه ليس من نظم البشر ولا وصفه ، فيقول : { وما كنت تتلو من قبله من كتاب } فيه تلك الأنباء والحكمة { ولا تخطه بيمينك } فيقولون : من تأليفك أو من نظمك . فلو كنت كذلك { إذا لارتاب المبطلون } بما ذكرنا على عناد منهم ومكابرة ، ولا يرتاب المحقون( {[15822]} ) . وإن كان كما ذكرنا لما عرفوا صدقه بأشياء وبآيات كانت فيه .

وقال بعضهم : في قوله : { وما كنت تتلو من قبله من كتاب } يقول : قبل القرآن { ولا تخطه بيمينك } أي لا تكتبه بيدك ، ولو كنت تقرأ كتابا من قبله ، أو كنت تكتب بيدك { إذا لارتاب المبطلون } يقول : لاتهموك .

هذا قد ذكرناه( {[15823]} ) . ولكن نقول في قوله : { بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم } [ العنكبوت : 49 ] .

يقول : بل هو اليقين أنك لا تقرأ ، ولا تكتب ، عند الذين أتوا العلم ، وهم مؤمنو أهل الكتاب من نحو عبد الله بن سلامه وأصحابه .


[15820]:في الأصل وم: تلقفت وأخذت.
[15821]:في الأصل وم: كان.
[15822]:من م، في الأصل: المحققون.
[15823]:الهاء ساقطة من الأصل.