فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَا كُنتَ تَتۡلُواْ مِن قَبۡلِهِۦ مِن كِتَٰبٖ وَلَا تَخُطُّهُۥ بِيَمِينِكَۖ إِذٗا لَّٱرۡتَابَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (48)

{ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ( 48 ) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ( 49 ) وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ( 50 ) }

{ وما كنت } يا محمد { تتلو من قبله من كتاب } أي من قبل القرآن كتابا ، ولا تقدر على ذلك ، لأنك أميّ لا تقرأ ولا تكتب . و ( من ) زائدة .

{ ولا تخطه بيمينك } أي ولا تكتبه لأنك لا تقدر على الكتابة ، وخص اليمين لأن الكتابة ، غالبا تكون باليمين ، أي ولا كنت كاتبا ، وقال مجاهد : كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يخط ولا يقرأ فنزلت هذه الآية قال النحاس : وذلك دليل على نبوته لأنه لا يكتب ولا يخالط أهل الكتاب ولم يكن بمكة أهل الكتاب ، فجاءهم بأخبار الأنبياء والأمم ،

قال ابن عباس : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ولا يكتب ، وكان أميا ، قال الحافظ بن حجر في تخريج أحاديث الرافعي : قال البغوي في التهذيب : هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يحسن الخط ولا يكتب ويحسن الشعر ولا يقوله أو لا ؟ والأصح أنه كان لا يحسنهما ولكن كان يميز بين رديء الشعر وجيده ، ذكره الشهاب وما أحسن ما قال آزاد رحمه الله :

ما كان يعرف ألواحا ولا قلما *** وكان يعرف ما في اللوح والقلم

وهذا شروع في الدليل على كون القرآن معجزا { إذا لارتاب المبطلون } أي لو كنت ممن يقدر على التلاوة والخط لقالوا لعله وجد ما يتلوه علينا من كتب الله السابقة من الكتب المدونة في أخبار الأمم ، فلما كنت أميا لا تقرأ ولا تكتب لم يكن هناك موضع للريبة ، ولا محل للشك أبدا ، بل إنكار من أنكر وكفر من كفر ، مجرد عناد و جحود بلا شبهة ، وسماهم المبطلين لأن ارتيابهم على تقدير أنه صلى الله عليه وسلم يقرأ ويكتب ظلم منهم لظهور نزاهته ، ووضوح معجزاته .