{ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ } أي فإن ظهور هذا الكتاب الجامع لما يكفل سعادة الدارين في شرائعه وقضاياه ، على أمي لم يعرف بالقراءة والتعلم ، خارق للعادة . وذكر اليمين زيادة تصوير للمنفي ، ونفي للتجوز في الإسناد { إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ } أي لو كنت ممن يخط ويقرأ ، لقالوا : لعله تعلمه أو كتبه بيده ، من كتب مأثورة عن الأنبياء .
قال السيوطي في ( الإكليل ) : في هذه الآية دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان أميا لا يقرأ ولا يكتب . وفيها رد على من زعم أنه كتب . انتهى .
وقال ابن كثير : وهذه صفته في الكتب المتقدمة . كما قال تعالى {[6053]} : { الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل } الآية . وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائما لا يحسن الكتابة ولا يخط سطرا ولا حرفا بيده . بل كان له كتاب يكتبون بين يديه الوحي والرسائل إلى الأقاليم . ومن زعم ، من متأخري الفقهاء ، كالقاضي ابن الوليد الباجي ومن تابعه ، أنه عليه السلام كتب يوم الحديبية : هذا ما قضى عليه محمد بن عبد الله . فإنما حمله على ذلك رواية {[6054]} في ( صحيح البخاري ) ( ثم أخذ فكتب ) وهذه محمولة على الرواية الأخرى ( ثم أمر فكتب ) ولهذا اشتد النكير من فقهاء المشرق والمغرب على من قال بقول الباجي وتبرأوا منه وأنشدوا في ذلك أقوالا وخطبوا به في محافلهم . وإنما أراد الرجل أعني الباجي فيما يظهر عنه . أنه كتب ذلك على وجه المعجزة . لا أنه كان يحسن الكتابة . وما أورده بعضهم من الحديث ؛ أنه لم يمت صلى الله عليه وسلم حتى تعلم الكتابة . فضعيف لا أصل له . انتهى .
وقال الشهاب وممن ذهب إلى أنه كان يحسن الكتابة ، أبو ذر الهروي وأبو الفتح النيسابوري وأبو الوليد الباجي من المغاربة . وصنف فيه كتابا ، وسبقه إليه ابن منبه . ولما قال أبو الوليد ذلك ، طعن فيه ورمي بالزندقة وسب على المنابر ، ثم عقد له مجلس فأقام الحجة على مدعاه وكتب به إلى علماء الأطراف . فأجابوا بما يوافقه . وأن معرفة الكتابة بعد أميته لا تنافي المعجزة . بل هي معجزة أخرى ، لكونها من غير تعليم . ورد الإمام محمد بن مفوز كتاب الباجي لما في الحديث الصحيح {[6055]} ( إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ) وقال : كل ما ورد في الحديث من قوله ( كتب ) فمعناه أمر بالكتابة . انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.