تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

33

المفردات :

المشحون : المملوء .

التفسير :

41 { وآية لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ } .

تشير الآية إلى فضل الله سبحانه وتعالى على بني آدم ، فحين كَذَّب قوم نوح نوحا ، واستمروا في عنادهم أغرق الله الكافرين ، وأمر نوحا عليه السلام أن يصنع السفينة ، وأن يحمل فيها من كلِّ زوجين اثنين ، فحمل ذكرا وأنثى من الإنسان والحيوان والنبات ، وكانت السفينة مليئة موقرة ومشحونة بهذه الأصناف .

جاء في حاشية الجمل على الجلالين ما يأتي :

وإطلاق الذرية على الأصول صحيح ، فإن لفظ الذرية مشترك بين الضدّين : الأصول والفروع ، لأن الذرية من الذَّرء بمعنى الخلق ، والفروع مخلوقون من الأصول ، والأصول خلقت منها الفروع ، فاسم الذرية يقع على الآباء ، كما يقع على الأولاد .

ومعنى الآية :

وآية أخرى لهم ، أنا حملنا ونجينا المؤمنين في سفينة نوح ، التي كانت موقرة ومشحونة بآبائهم وأجدادهم وأصولهم ، التي حملت الذرية في أصلابها ، ثم تناسل الناس بعد ذلك إلى يوم القيامة ، وبذلك دبّر الحقُّ سبحانه وتعالى صيانة الجنس البشري وسلامته ، بنجاة الآباء في السفينة ، أي : سفينة نوح عليه السلام .

من تفسير ابن كثير

ودلالة لهم أيضا على قدرته تبارك وتعالى ، تسخيره البحر ليحمل السفن ، فمن ذلك بل أوّله سفينة نوح عليه السلام ، التي أنجاه الله تعالى فيها بمن معه من المؤمنين . ولهذا قال تعالى : { وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } . أي : آباءهم ، { فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ } . أي : في السفينة المملوءة من الأمتعة والحيوانات ، التي أمره الله تبارك وتعالى أن يحمل فيها ممن كلِّ زوجين اثنين . ا ه .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

{ وآية لهم أنا حملنا ذريتهم } أباهم { في الفلك المشحون } يعني سفينة نوح عليه السلام

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

ولما ذكر ما حد له حدوداً في السباحة في وجه الفلك لو تعداها لاختل النظام ، ذكر ما هيأه من الفلك للسباحة على وجه الماء الذي طبق الأرض في زمن نوح عليه السلام حتى كانت كالسماء ، ولو تعدت السفينة ما حد لها سبحانه من المنازل فنفذت إلى بحر الظلمات لفسد الشأن ، وكانوا فيها كأنهم في الأرض ، وبسيرها كأنهم يخترقون الجبال والفيافي والقفار - كل ذلك تذكيراً بأيام الله ، وتنبيهاً على استدرار نعمه ، وتحذيراً من سطواته ونقمه ، ومنّاً عليهم بما يسر لهم من سلوك البحر والتوصل به إلى جليل المنافع فقال : { وآية لهم } أي على قدرتنا التامة وعلمنا الشامل { أنا } أي على ما لنا من العظمة { حملنا } .

ولما كان من قبل نوح عليه السلام من أصول البشر لم يحملوا في الفلك ، عدل عن التعبير بالضمير والآباء إلى قوله : { ذريتهم } أي ذرية البشر التي ذرأناها وذروناها وذررناها حتى ملأنا بها الأرض من ذلك الوقت إلى آخر الدهر ، ولهذا التكثير المفهوم من هذا الاشتقاق البليغ اغتنى ابن كثير وأبو عمرو والكوفيون فقرأوا بالإفراد ، وزادت في الإيضاح قراءة الباقين بالجمع ، بعضهم ظاهراً وبعضهم في ظهر أبيه { في الفلك } عرفه لشهرته بين جميع الناس { المشحون * } أي الموقر المملوء حيواناً وزاداً ، وهو يتقلب في تلك المياه التي لم ير قط مثلها ولا يرى أبداً ، ومع ذلك فسلمه الله .