تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمۡ أَوۡ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيۡنَا يُرۡجَعُونَ} (77)

الصبر والتصبّر .

{ فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون 77ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون 78 }

المفردات :

حق : كائن لا محالة .

بعض الذي نعدهم : بعض الذي نعدهم من العذاب بالقتل أو الأسر لهم في حياتك ، وجواب الشرط تقديره : فذاك .

أو نتوفينك : أي : نميتك قبل تعذيبهم .

فإلينا يرجعون : فإلينا وحدنا يُرجعون يوم القيامة ، فنجازهم بأعمالهم .

التفسير :

77- { فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون } .

ناقش القرآن أهل مكة طويلا فيما سبق ، وكانوا يتقولون على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويتربصون به الموت أملا في التخلص منه ، وهنا يحث القرآن الرسول صلى الله عليه وسلم على الصبر الجميل ، مؤكدا أن وعد الله حق ، بِنَصر الرسل والمؤمنين في حياتهم أو بعد وفاتهم ، وكان القرآن الكريم يشير إلى أن الرسول له غاية وهدف وهو البلاغ ، أما الهداية أو النصر فذلك في مشيئة الله وحكمته .

ومقصود الآية كالآتي :

اصبر أيها الرسول على إيذاء المشركين واثقا بالنصر ، سواء وجدت ذلك في حياتك كالنصر عليهم يوم بدر ، أي إذا أريناك النصر في حياتك فبها ونعمت ، وإذا توفيناك قبل تحقيق النصر فلا تحزن ، فإن مصيرهم إلينا ، وسيلقون الجزاء كاملا بيد الإله العادل ، ولا يظلم ربك أحدا ، وهو سبحانه مالك يوم الدين ، وبيده الجزاء العادل في ذلك اليوم ، وإلى الله وحده يُرجعون .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمۡ أَوۡ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيۡنَا يُرۡجَعُونَ} (77)

{ فإما نرينك بعض الذي نعدهم } من العذاب في حياتك { أو نتوفينك } قبل أن ينزل بهم ذلك { فإلينا يرجعون }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمۡ أَوۡ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيۡنَا يُرۡجَعُونَ} (77)

قوله تعالى : " فاصبر إن وعد الله حق " هذا تسلية للنبي عليه السلام ، أي إنا لننتقم لك منهم إما في حياتك أو في الآخرة . " فإما نرينك " في موضع جزم بالشرط وما زائدة للتوكيد وكذا النون وزال الجزم وبني الفعل على الفتح . " أو نتوفينك " عطف عليه " فإلينا يرجعون " الجواب .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمۡ أَوۡ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيۡنَا يُرۡجَعُونَ} (77)

ولما كان هذا في الجزاء أعظم الشماتة بهم ، فكان فيهم أعظم التسلية لمن جادلوه وتكبروا عليه ، سبب عنه قوله : { فاصبر } أي ارتقاباً لهذه النصرة ، ثم علل بقوله مؤكداً لأجل تكذيبهم بالوعد : { إن وعد الله } أي الجامع لصفات الكمال { حق } أي في نصرتك في الدارين فلا بد من وقوعه ، وفيه أعظم تأسية لك ولذلك سبب عنه مع صرف القول إلى ما يأتي الاعتراض إشارة إلى أنه لا يسأل عما يفعل ، قوله تعالى : { فإما نرينك } وأكده ب " ما " والنون ومظهر العظمة لإنكارهم لنصرته عليهم ولبعثهم { بعض الذي نعدهم } أي بما لنا من العظمة مما يسرك فيهم من عذاب أو متاب قبل وفاتك ، فذاك إلينا وهو علينا هين .

ولما ذكر فعل الشرط وحذف جوابه للعلم به ، عطف عليه قوله : { أو نتوفينَّك } أي قبل أن ترى ذلك فيهم وأجاب هذا المعطوف بقوله : { فإلينا } أي بما لنا من العظمة { يرجعون * } أي معنى في الدنيا فتريهم بعد وفاتك من نصر أصحابك عليهم بما تسرك به في برزخك فإنه لا بقاء لجولة باطلهم ، وحساً في القيامة فنريك فيهم فوق ما تؤمل من النصرة المتضمنة لتصديقك وتكذيبهم ، وإكرامك وإهانتهم ، والآية من الاحتباك : ذكر الوفاة ثانياً دليلاً على حذفها أولاً ، والرؤية أولاً دليلاً على حذفها ثانياً .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمۡ أَوۡ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيۡنَا يُرۡجَعُونَ} (77)

قوله تعالى : { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ( 77 ) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ } .

يدعو الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أن يصبروا . فما من مؤمن إلا هو مدعوٌّ للصبر على البلاء والمكاره . والصبر خصلة عظيمة حميدة من خصال المؤمنين الذين يدعون الناس إلى منهج الإسلام الحق . وهو عدة المؤمنين المتقين ؛ إذ تنزل بهم النوائب وتجتاحهم المحن ويعتدي عليهم الظالمون والمجرمون . وههنا يخاطب الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم آمرا إياه بالصبر وهو قوله : { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } أي اصبر يا محمد على خصومة المشركين وإيذائهم لك وعلى تكذيبهم إياك فإن الله منجز لك ما وعدك من الغلبة والظهور عليهم وإنزال العقاب بهم في الدنيا والآخرة ، ووعد الله حق وصدق ولن يخلف الله وعده .

قوله : { فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } يعني إما { نُرِيَنَّكَ } في حياتك بعض الذي نعد هؤلاء المشركين من الانتقام أن يحل بهم . وما ، في قوله : { فَإِمَّا } زائدة على الشرط للتأكيد . والأصل : فإن نرك ولحقت بالفعل نون التوكيد { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } معطوف على { نُرِيَنَّكَ } أي نتوفينك قبل إنزال العقاب بهم { فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } أي مصيرهم إلينا يوم القيامة وحينئذ نحكم بينك وبينهم بالحق ؛ إذ يكبكبون في النار ويكرمك الله في جنات النعيم .