بضنين : لا يبخل بالوحي ، ولا يقصر في التبليغ .
ليس محمد صلى الله عليه وسلم بمتهم حين يخبر أنه يرى جبريل على صورته الحقيقية ، وأنه يتلقى عند الوحي ، وأنتم عرفتموه شابا وناشئا صادقا أمينا ، ومحمد صلى الله عليه وسلم كان لا يضنّ بالوحي ، ولا يحتفظ به لنفسه ، بل يبلّغه فور وصوله إليه .
قال تعالى : يا أيها الرسول بلّغ الذي أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته ، والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين . ( المائدة : 67 ) .
" وما هو على الغيب بظنين " : بالظاء ، قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي ، أي بمتهم ، والظنة التهمة . قال الشاعر :
أما وكتابُ الله لا عَنْ شَنَاءَةٍ *** هُجِرْتُ ولكن الظنينَ ظنينُ
واختاره أبو عبيد ؛ لأنهم لم يبخلوه ولكن كذبوه ؛ ولأن الأكثر من كلام العرب : ما هو بكذا ، ولا يقولون : ما هو على كذا ، إنما يقولون : ما أنت على هذا بمتهم . وقرأ الباقون " بضنين " بالضاد : أي ببخيل من ضننت بالشيء أضن ضنا [ فهو ] ضنين . فروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : لا يضن عليكم بما يعلم ، بل يعلم الخلق كلام الله وأحكامه . وقال الشاعر :
أجود بمكنُونِ الحديثِ وإنني *** بسرِّكِ عمن سالنِي لضَنِينُ
والغيب : القرآن وخبر السماء . ثم هذا صفة محمد عليه السلام . وقيل : صفة جبريل عليه السلام . وقيل : بظنين : بضعيف . حكاه الفراء والمبرد . يقال : رجل ظنين : أي ضعيف . وبئر ظنون : إذا كانت قليلة الماء . قال الأعشى :
ما جُعِلَ الجُدُّ{[15834]} الظَّنونُ الذي *** جُنِّبَ صَوْبَ اللجِبِ الماطِرِ
مثلَ الفُراتيِّ إذا ما طَمَا *** يقذِفُ بالبُوصِيِّ والمَاهِرِ
والظنون : الدين الذي لا يدري أيقضيه آخذه أم لا ؟ ومنه حديث علي عليه السلام في الرجل يكون له الدين الظنون ، قال : يزكيه لما مضى إذا قبضه إن كان صادقا . والظنون : الرجل السيء الخلق ، فهو لفظ مشترك .
ولما انتفى ما يظن من لبس السمع وزيغ البصر ، لم يبق إلا ما يتعلق بالتأدية فنفى ما يتوهم من ذلك بقوله-{[71966]} : { وما } أي{[71967]} سمعه ورآه والحال أنه ما { هو على الغيب } أي الأمر الغائب عنكم في النقل عنه ولا في غيره من باب الأولى { بضنين * } أي بمتهم ، من الظنة وهي التهمة ، كما يتهم الكاهن لأنه يخطىء في بعض ما يقول ، فهو حقيق بأن يوثق بكل شيء يقوله في كل أحواله ، هذا في قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي ورويس عن يعقوب بالظاء ، والمعنى في قراءة الباقين بالضاد-{[71968]} : ببخيل كما يبخل الكاهن رغبة في الحلوان ، بل هو حريص على أن يكون كل من أمته عالماً بكل ما أمره الله تعالى{[71969]} بتبليغه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.