الآية 24 : وقوله تعالى : { وما هو على الغيب بضنين } وقرئ بظنين{[23205]} . قال أبو عبيد : والظنين أولى ، لأنه ، هو المتهم ، والضنين البخيل ، ولم ينسب أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البخل بهذه الآية ، وقد كانوا يتهمونه على الغيب ، وهو القرآن ، فكانوا { يقولون إنما يعلمه بشر } [ النحل : 103 ] وليس من عند الله ، ويقولون : { إن هذا إلا إفك افتراه } [ الفرقان : 4 ] فبرّأه الله تعالى مما قالوا بقوله : وما هو على الغيب بظنين .
ومن قرأ بالضاد فهو يحتمل أوجها :
[ أحدها ]{[23206]} : ما ذكره أبو بكر الأصم ، وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن بضنين بشيء ، علمه الله تعالى على أحد من أصحابه كما يفعله غيره من العلماء ؛ لأن العلماء ، لا يريدون أن يعلموا من اختلف إليهم كل ما عندهم من العلوم حتى [ لا ]{[23207]} يستغني عنهم . ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يود أن يعلم{[23208]} جميع ما علم من العلوم أصحابه ؛ فكان يقوم على تعليم كل منهم بقدر طاقته ، ولم يكن يمتنع عن التعليم بخلا منه وضنا .
[ والثاني ]{[23209]} : أن يكون برأه الله تعالى من هذا لما علم أنه في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خص بعض أصحابه بتعليم أشياء ، لم يطلع عليها غيرهم ، وتخصيص بعض دون بعض بتعليم ما عنده ، يحل في الشاهد ؛ فكان في قوله تعالى : { وما هو على الغيب بضنين } تكذيب أولئك الذين يدعون هذا .
وهذا كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) [ البخاري 1909 ] فكأنه قال هذا لما علم أنه يكون في أمته من يتقدم الشهر بالصيام ، فقال هذا ليتعرف خطأ ما يتقدم من الشهر بالصيام على الخطإ والجهالة ليس على إصابة الحق . فعلى ذلك الحكم في ما ذكرنا .
ثم صرفوا تأويل الغيب إلى القرآن ، وهو عندنا في القرآن وفي غيره من الأشياء التي أطلع الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم [ عليها .
الثالث : ]{[23210]} أن يكون الضن منصرفا إلى الشفاعة التي أكرم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بها . فهو لا يخص بعض أمته دون بعض بالشفاعة ، بل يعمهم جميعا ، فيكون هذا تحريضا على الإتباع له والانقياد لطاعته .
ويحتمل وجها آخر ، وهو أنه ليس بضنين في أداء شكر ما أنعم الله تعالى عليه ، وقد{[23211]} غفر له ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ بل اجتهد في أداء شكره حتى ذكر أنه تورمت قدماه من طول القيام ، فقيل له : ألم يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال : ( أفلا أكون عبدا شكورا ) [ البخاري 1130 ومسلم 2819 و2820 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.