الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَمَا هُوَ عَلَى ٱلۡغَيۡبِ بِضَنِينٖ} (24)

{ وَمَا هُوَ } يعني محمد صلى الله عليه وسلم { عَلَى الْغَيْبِ } أي الوحي وخبر السماء وما اطّلع عليه من علم الغيب { بِضَنِينٍ } قرأ زيد بن ثابت والحسن وابن عمرو والأشهب وعاصم والأعمش وحمزة وأهل المدينة والشام بالضاد ، وكذلك في حرف أُبيّ بن كعب ومصحفه ، وهي قراءة ابن عباس برواية مجاهد واختيار أبي حاتم ومعناه : يبخل يقول : [ يأتيه ] علم الغيب وهو منقوش فيه فلا يبخل به عليكم بل يعلّمكم ويخبركم به ، يقول العرب : ضننت بالشيء بكسر النون أضن به ضناً وضنانة فأنا ضنين ، أي بخيل ، قال الشاعر :

أجود بمضنون التلاد وانني *** بسرك عمن سالني لضنين

وقرأ الباقون بالظاء وكذلك هو في حرف ابن مسعود ومصحفه وهي قراءة عبد الله وعروة ابني الزبير وعمر بن عبد العزيز وأبي عبد السلمي ورواية سعيد بن جبير عن ابن عباس ومعناه يتهمهم يقال : فلان يُظن بمال ويزن بمال أي يتهمّ به ، والظنّة : التهمة ، قال الشاعر :

أما وكتاب الله لا عن شناءة *** هجرت ولكن الظنين ظنين

واختار أبو عبيد هذه القراءة وقال : أنهم لم يبخّلوه فيحتاج أن ينفى عنه ذلك البخل ، وإنما كذّبوه واتهموه ، ولأنّ الأكثر من كلام العرب ما هو بظنين بكذا ولا يقولون على كذا إنّما يقولون : ما أنت على كذا بمتهم ، وقيل بظنين .

بضعيف حكاه الفراء والمبرّد يقال : رجل ظنين أي ضعيف ، وبئر ضنون إذا كانت ضعيفة الماء ، قال الأعشى :

ما جعل الجد الظنون الذي *** جُنّب صوب اللجب الماطر

مثل الفراتي إذا ما طما *** يقذف بالبوصي والماهر