تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَٱلسَّلَٰمُ عَلَيَّ يَوۡمَ وُلِدتُّ وَيَوۡمَ أَمُوتُ وَيَوۡمَ أُبۡعَثُ حَيّٗا} (33)

33- { والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا } .

أي : سلام الله علي في يوم ولادتي وفي يوم مماتي ، وفي يوم خروجي حيا من قبري .

هذا ما نطق به المسيح وهو طفل لا يزال في المهد ؛ فقد تبرأ ممن جعله إلها حيث نطق بأنه عبد الله ، وأنه نبي سيؤتيه الله الإنجيل ، وسيجعله كثير البركة محافظا على الصلاة والزكاة ، محسنا لوالدته ، بعيدا عن التكبر والمعصية ؛ ثم هو بشر يسأل الله السلام والأمان له في كل أطوار حياته .

وبهذا رد المسيح على من جعله إلها ، وعلى من قال : إنه ابن زنا ، وعلى من ذهب إلى أن الأب إله ، والابن إله ، وروح القدس إله ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .

فالمسيح في القرآن عبد الله ورسوله يحيى ويموت كسائر البشر خلقه الله من أم دون أب ؛ ليكون آية على قدرة الله الباهرة .

وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يقول الله عز وجل : يشتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني ، ويكذبني ابن آدم وما ينبغي له أن يكذبني ؛ أما شتمه إياي : فقوله : إن لي ولدا ، وأما تكذيبه إياي فقوله لا يبعثني الله بعد موتي . . . )vii .

وقد تحدث القرآن مستنكرا أن يكون لله ولدا ، مستخدما الدال وهي حرف من حروف القلقلة في نهاية كل آية فقال :

{ وقالوا اتّخذ الرحمن ولدا . لقد جئتم شيئا إدّا . تكاد السماوات يتفطّرن منه وتنشق الأرض وتخرّ الجبال هدّا . أن دعوا للرحمن ولدا . وما ينبغي للرحمن أن يتّخذ ولدا . إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا . لقد أحصاهم وعدهم عدّا . وكلهم آتيه يوم القيامة فردا } . ( مريم : 88 ، 95 ) .

وفي الصفحة الأخيرة من سورة المائدة يتبرأ المسيح عيسى عليه السلام ممن ادعى : بأنه إله ، أو أن أمه مريم إله .

قال تعالى : { وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب . ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرّقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد . إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } . ( المائدة : 118 ، 116 ) .