الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَٱلسَّلَٰمُ عَلَيَّ يَوۡمَ وُلِدتُّ وَيَوۡمَ أَمُوتُ وَيَوۡمَ أُبۡعَثُ حَيّٗا} (33)

قوله : { وَالسَّلاَمُ } : الألفُ واللامُ فيه للعهدِ ؛ لأنه قد تقدَّمَ لفظُه في قولِه :

{ وَسَلاَمٌ عَلَيْهِ } [ مريم : 15 ] ، فهو كقولِه { كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ } [ المزمل : 1516 ] ، أي : ذلك السلامُ الموجَّه إلى يحيى مُوَجَّهٌ إليَّ . وقال الزمخشري- بعد ذِكْرِه ما قدَّمْتُه - : " والصحيحُ أن يكونَ هذا التعريفُ تعريضاً باللعنةِ على متهمي مريمَ عليها السَّلامِ وأعدائِها من اليهود . وتحقيقُه : أنَّ اللامَ للجنسِ ، فإذا قال وجنسُ السَّلامِ عليَّ خاصة فقد عَرَّضَ بأنَّ ضِدَّه عليكم . وتنظيرُه : { وَالسَّلاَمُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى } [ طه : 47 ] .

قوله : { يَوْمَ وُلِدْتُّ } منصوبٌ بما تضمنَّه " عليَّ " من الاستقرار . ولا يجوزُ نَصْبُه ب " السَّلام " للفَصْلِ بين المصدرِ ومعمولِه . وقرأ زيد بن على " وَلَدَتْ " جعله فعلاً ماضياً مسنداً لضميرِ مريمَ ، والتاءُ للتأنيث . و " حَيَّاً " حالٌ مؤكِّدَةٌ .