إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (55)

{ أَلا إِنَّ للَّهِ مَا في السماوات والأرض } أي ما وجد فيهما داخلاً في حقيقتهما أو خارجاً عنهما متمكناً فيهما ، وكلمةُ ما لتغليب غيرِ العقلاءِ على العقلاء ، فهو تقريرٌ لكمال قدرتِه سبحانه على جميع الأشياءِ وبيانٌ لاندراج الكلِّ تحت ملكوتِه يتصرف فيه كيفما يشاء إيجاداً وإعداماً وإثابةً وعقاباً .

{ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ الله } إظهارُ الاسمِ الجليلِ لتفخيم شأنِ الوعدِ والإشعارِ بعلة الحكم ، وهو إما بمعنى الموعودِ أي جميعِ ما وُعد به كائناً ما كان فيندرج فيه العذابُ الذي استعجلوه وما ذُكر في أثناء بيان حالِه اندراجاً أولياً ، أو بمعناه المصدريِّ أي وعدَه بجميع ما ذكر فمعنى قولِه تعالى : { حَقٌّ } على الأول ثابتٌ واقعٌ لا محالة وعلى الثاني مطابقٌ للواقع ، وتصديرُ الجملتين بحرفي التنبيهِ والتحقيقِ للتسجيل على تحقق مضمونِها المقرِّر لمضمون ما سلف من الآيات الكريمة والتنبيهِ على وجوب استحضارِه والمحافظةِ عليه { ولكن أَكْثَرَهُمْ } لقصور عقولِهم واستيلاءِ الغفلة عليهم والفهمِ بالأحوال المحسوسةِ المعتادة { لا يَعْلَمُونَ } ذلك فيقولون ما يقولون ويفعلون ما يفعلون .