تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (55)

وقوله تعالى : ( أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ) أي إن ما في السماوات والأرض [ لله ][ ساقطة من م ] كلهم عبيده وإماؤه وملكه لا لمن تعبدون دونه من الأصنام والأوثان . فمن عند من يملك الدنيا و الآخرة اطلبوا ذلك منه لا[ في الأصل وم : لأن ] من عند من لا يملك . يبين سفههم في طلبهم الدنيا من عند من يعلمون أنه لا يملك ذلك ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ) في كل وعد ووعيد إنه كائن لا محالة عذابا أو رحمة ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) أي لا ينتفعون بعلمهم . فنفى عنهم العلم ، وإن علموا ، لما لم ينتفعوا به .

ويحتمل قوله : ( لا يعلمون ) أي لم يكتسبوا سبب العلم وهو التأويل والنظر في آياته وحججه ، ويحتمل نفي العلم عنهم لما [ لم ][ ساقطة من الأصل وم ] يعطوا أسباب العلم فلم يعلموا . فإن كان على هذا فيكونون معذورين ، وإن كان على الوجهين الأولين فلا عذر لهم في ذلك .

وفي قوله : ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) دلالة إثبات البعث من وجهين :

أحدهما : في ما يذكر من قدرته [ خلق ][ من م ، ساقطة من الأصل ] السماوات والأرض وما بينهما بغلظتهما وكثافتهما وشدتهما وعظم خلقتهما . وأن تلك القدرة خارجة عن وسع البشر وتوهمه فمن قدر على ذلك فهو قادر على إحياء الخلق بعد فنائهم .

والثاني : يخبر عن حكمته من تعليق منافع الأرض بالسماء على بعد ما بينهما والإفضال على الخلق بأنواع النعم التي تكبر [ على ][ ساقطة من الأصل وم ] الإحصاء ، وأن كل شيء منها قد وضع مواضعها .

فلا يحتمل من هذا وصفه في الحكمة [ أن ][ ساقطة من الأصل وم ] يخلق الشيء عبثا باطلا ولو كان[ في الأصل وم كانوا ] للفناء لا حياة بعده كان يكون خارجا عن الحكمة ، فظهر أنه خلقهم لأمر أراد بهم ، والله أعلم .