فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (55)

وجملة { أَلا إِنَّ للَّهِ مَا فِي السموات والأرض } مسوقة لتقرير كمال قدرته ؛ لأن من ملك ما في السموات والأرض ، تصرف به كيف يشاء ، وغلب غير العقلاء لكونهم أكثر المخلوقات ، قيل : لما ذكر سبحانه افتداء الكفار بما في الأرض لو كان لهم ذلك بين أن الأشياء كلها لله ، وليس لهم شيء يتمكنون من الافتداء به . وقيل : لما أقسم على حقية ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، أراد أن يصحب ذلك بدليل البرهان البين بأن ما في العالم على اختلاف أنواعه ملكه ، يتصرّف به كيف يشاء ، وفي تصدير الجملة بحرف التنبيه تنبيه للغافلين ، وإيقاظ للذاهلين ، ثم أكد ما سبق بقوله : { أَلاَ إِنَّ وَعْدَ الله حَق } أي : كائن لا محالة ، وهو عامّ يندرج فيه ما استعجلوه من العذاب اندراجاً أوّلياً ، وتصدير الجملة بحرف التنبيه ، كما قلنا في التي قبلها مع الدلالة على تحقق مضمون الجملتين { ولكن أَكْثَرَ الناس } أي : الكفار { لاَ يَعْلَمُونَ } ما فيه صلاحهم ، فيعملون به ، وما فيه فسادهم فيجتنبونه .

/خ58