ولما كان السبب الحامل لملوك الدنيا على الكذب والجور والظلم العجز أو طلب التزيد في الملك ، أشار إلى تنزهه عن ذلك بقوله مؤكداً سوقاً لهم مساق المنكر لأن فعلهم في عبادة الأصنام فعل من ينكر مضمون الكلام : { ألا إن لله } أي الملك الأعظم وحده { ما في السماوات } بدأ بها لعلوها معنى و{[38096]} حساً وعظمتها ؛ ولما كان المقام للغنى عن الظلم لم يحوج الحال إلى تأكيد بإعادة النافي فقال : { والأرض } أي من جوهر وعرض صامت وناطق ، فلا شيء خارج عن ملك يحوجه إلى ظلم أو إخلاف وعد لحيازته ، والحاصل أنه لا يظلم إلا ناقص الملك وأما من له الملك كله فهو الحكم العدل : لأن جميع الأشياء بالنسبة إليه على حد سواء ، ولا يخلف الوعد إلا ناقص القدرة وأما من له كل شيء ولا يخرج عن قبضته شيء فهو المحق في الوعد العدل في الحكم ، وفي الآية زيادة تحسير وتنديم للنفس الظالمة حيث أخبرت بأن ماتود أن تفتدي{[38097]} به ليس لها منه شيء ولا تقدر{[38098]} على التوصل إليه ، ولو قدرت ما قبل منها ، وإنما هو لمن رضي منها بالقليل منه فضلاً منه عليها على ما أمر به على لسان رسله ، وعلى هذا فيجوز أن يكون التقدير : لو أن لها ذلك لافتدت به ، لكنه ليس لها بل لله ؛ فلما ثبت بذلك حكمه بالعدل وتنزهه{[38099]} عن إخلاف الوعد .
صرح بمضمون ذلك بقوله مؤكداً لإنكارهم : { ألا إن وعد الله } أي الذي له الكمال كله { حق } لأنه تام القدرة والغنى ، فلا حامل له{[38100]} على الإخلاف { ولكن أكثرهم } أي الذين{[38101]} تدعوهم و{[38102]} هم يدعون دقة{[38103]} الأفهام وسعة العقول { لا يعلمون* } أي لا علم لهم فهم لايتدبرون ما نصبنا من الأدلة فلا ينقادون لما أمرنا به من الشريعة فهم باقون على الجهل معدودون مع البهائم ؛ و { ألا } مركبة{[38104]} من همزة الاستفهام و " لا " وكانت تقريراً وتذكيراً فصارت تنبيهاً ، وكسرت إن بعدها لأنها استئنافية ينبه بها على معنى يبتدأ به ولذا يقع بعدها الأمر والدعاء بخلاف " لو " و " إلا " للاستقبال فلم يجز بعدها إلا كسر " إن " و " أما " قد تكون{[38105]} بمعنى " حقاً " في قولهم : أما إنه منطلق ، وهي للحال فجاز في " أن " بعدها الوجهان - ذكره الرماني ؛ والسماوات طبقات مرفوعة أولها سقف مزين بالكواكب . وهي من سما بمعنى علا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.