إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِۚ إِنَّ ٱلۡحَسَنَٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ ذَٰلِكَ ذِكۡرَىٰ لِلذَّـٰكِرِينَ} (114)

{ وَأَقِمِ الصلاة طرفي النهار } أي غدوةً وعشيةً ، وانتصابُه على الظرفيه لكونه مضافاً إلى الوقت { وَزُلَفاً منَ الليل } أي ساعاتٍ منه قريبةً من النهار ، فإنه مِنْ أزلفه إذا قرّبه جمع زُلفة ، عطفٌ على طرفي النهار والمرادُ بصلاتهما صلاةُ الغداة والعصرِ ، وقيل : الظُهر موضعَ العصر لأن ما بعد الزوال عشيٌّ ، وبصلاة الزُلَف المغربُ والعشاء ، وقرىء زُلُفاً بضمتين وضمة وسكون كبُسْر وبُسُر وزُلفى بمعنى زُلفة كقربى بمعنى قربة { إِنَّ الحسنات } التي من جملتها بل عُمدتُها ما أمِرْت به من الصلوات { يُذْهِبْنَ السيئات } التي قلما يخلو منها البشر ، أي يكفرنها وفي الحديث " إن الصلاة إلى الصلاة كفارةٌ لما بينهما ما اجتُنبت الكبائر " وقيل : نزلت في أبي اليَسَر الأنصاريِّ إذ قبّل امرأةً ثم ندِم فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما فعل فقال عليه الصلاة والسلام : «أنتظرُ أمرَ ربي » فلما صلى صلاةَ العصر نزلت قال عليه السلام : " نعم اذهب فإنها كفارةٌ لما عمِلْت " أو يمنعْن من اقترافها كقوله تعالى : { اتل مَا أُوْحِىَ إِلَيْكَ مِنَ الكتاب } { ذلك } إشارةٌ إلى قوله تعالى : { فاستقم } فما بعده وقيل : إلى القرآن { ذكرى لِلذكِرِينَ } أي عظةٌ للمتعظين .