إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِن كَادُواْ لَيَسۡتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ لِيُخۡرِجُوكَ مِنۡهَاۖ وَإِذٗا لَّا يَلۡبَثُونَ خِلَٰفَكَ إِلَّا قَلِيلٗا} (76)

{ وَإِن كَادُواْ } الكلامُ فيه كما في الأول أي كاد أهلُ مكة { لَيَسْتَفِزُّونَكَ } أي ليُزعِجونك بعداوتهم ومكرِهم { منَ الأرض } أي الأرضِ التي أنت فيها وهي أرضُ مكة { لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإذن لا يَلْبَثُونَ } بالرفع عطفاً على خبر كاد ، وقرئ لا يلبثوا بالنصب بإعمال إذن على أن الجملةَ معطوفةٌ على جملة وإن كادوا ليستفزونك { خلافك } أي بعدك قال : [ الكامل ]

خلت الديارُ خِلافَهم فكأنما *** بسَطَ الشواطِبُ بينهن حصيراً{[507]}

أي لو خرجتَ لا يبقَون بعد خروجِك وقرئ خلفك { إِلاَّ قَلِيلاً } إلا زماناً قليلاً وقد كان كذلك فإنهم أُهلكوا ببدر بعد هجرتِه عليه الصلاة والسلام ، وقيل : نزلت الآيةُ في اليهود حيث حسدوا مقامَ النبي عليه الصلاة والسلام بالمدينة ، فقالوا : الشامُ مقامُ الأنبياءِ عليهم السلام فإن كنت نبياً فالحَقْ بها حتى نؤمِنَ بك ، فوقع ذلك في قلبه عليه الصلاة والسلام فخرج مرحلةً فنزلت فرجع ثم قُتل منهم بنو قريظة وأُجليَ بنو النضير [ بعدهم ] بقليل .


[507]:البيت للحارث بن خالد المخزومي في ديوانه ص 63؛ ولسان العرب (خلف)؛ وكتاب العين 4/266؛ وتاج العروس (خلف)؛ ولجرير في تهذيب اللغة 1/282؛ وكتاب العين 1/179؛ وبلا نسبة في لسان العرب (عقب)؛ ومقاييس اللغة 3/186؛ ومجمل اللغة 3/158. والرواية المشهورة "عقب الرذاد.." مكان "خلت الديار..".