{ وَإِذْ قَالَتِ الملائكة } شروعٌ في شرح بقيةِ أحكامِ اصطفاء آلِ عمران إثرَ الإشارةِ إلى نُبَذٍ من فضائل بعضِ أقاربهم أعني زكريا ويحيى عليهما الصلاة والسلام لاستدعاء المقامِ إياهما حسبما أشير إليه ، وقرئ بتذكير الفعل ، والمرادُ بالملائكة جبريلُ عليه الصلاة والسلام وقد مر ما فيه من الكلام ، وإذ منصوبٌ بمُضمر معطوفٍ على المُضمر السابق عطفَ القِصة على القصة ، وقيل : معطوفٌ على الظرف السابق أعني قولَه : { إِذْ قَالَتِ امرأة عمران } [ آل عمران ، الآية 35 ] منصوبٌ بناصبة فتدبرْ ، أي واذكر أيضاً من شواهد اصطفائِهم وقتَ قولِ الملائكةِ عليهم الصلاة والسلام { يا مَرْيَمَ } وتكريرُ التذكير للإشعار بمزيد الاعتناء بما يحكى من أحكام الاصطفاءِ والتنبيهِ على استقلالها وانفرادِها عن الأحكام السابقة فإنها من أحكام التربية الجُسمانية اللائقة بحال صِغَر مريمَ وهذه من باب التربية الروحانية بالتكاليف الشرعيةِ المتعلقة بحال كِبَرها ، قيل : كلّموها شِفاهاً كرامةً لها أو إرهاصاً لنبوة عيسى عليه الصلاة والسلام لمكان الإجماعِ على أنه تعالى لم يَستنبِئ امرأةً وقيل : ألهموها { إِنَّ الله اصطفاك } أولاً حيث تقبّلك من أمك بقبولٍ حسن ولم يتقبل غيرَك أنثى وربّاك في حِجْرِ زكريا عليه السلام ورزقك من رزق الجنةِ وخصّك بالكرامات السنية
{ وَطَهَّرَكِ } أي مما يُستقذر من الأحوال والأفعال ومما قذفك به اليهودُ بإنطاق الطفلِ { واصطفاك } آخِراً { على نِسَاء العالمين } بأن وهبَ لك عيسى عليه الصلاة والسلام من غير أب ولم يكن ذلك لأحد من النساء وجعلكما آيةً للعالمين ، فعلى هذا ينبغي أن يكون تقديمُ حكاية هذه المقاولة على حكاية بشارتِها بعيسى عليه الصلاة والسلام لما مر مراراً من التنبيه على أن كلاً منهما مستحِقٌّ للاستقلال بالتذكير ، ولو رُوعي الترتيبُ الخارجيُّ لتبادر كونُ الكل شيئاً واحداً وقيل : المرادُ بالاصطفاءين واحدٌ والتكريرُ للتأكيد وتبيينِ مَن اصطفاها عليهن فحينئذ لا إشكالَ في ترتيب النظم الكريم إذ يُحمل حينئذ الاصطفاءُ على ما ذُكر أولاً ، وتُجعل هذه المقاولةُ قبل بشارتها بعيسى عليه الصلاة والسلام إيذاناً بكونها قبل ذلك متوفرةً على الطاعات والعبادات حسبما أُمِرت بها مجتهدةً فيها مُقْبِلةً على الله تعالى مُتبتِّلةً إليه تعالى منسلخةً عن أحكام البشرية مستعدةً لفيضان الروح عليها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.