السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَٰمَرۡيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصۡطَفَىٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (42)

{ و } اذكر { إذ قالت الملائكة } أي : جبريل قال لها شفاهاً : { يا مريم إنّ الله اصطفاك } أي : اختارك بأن تقبلك من أمّك ولم يقبل قبلك أنثى وفرغك للعبادة وأغناك برزق الجنة عن الكسب وتكليمه لها شفاها كرامة لها . وقيل : كان معجزة لزكريا ، وقيل : كان إرهاصاً أي : تأسيساً لنبوّة عيسى صلى الله عليه وسلم بطريق الخوارق قبل البعثة كإظلال الغمام لنبينا صلى الله عليه وسلم قبل البعثة بطريق الشام وإنما حمل على هذا التأويل ؛ لأنها ليست بنبية على الأصح بل حكى البيضاويّ الإجماع على أنه تعالى لم ينبئ امرأة لقوله تعالى : { وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً }

( الأنبياء ، 7 ) لكن نوزع في دعوى الإجماع ؛ لأنّ الخلاف ثابت في نبوّة نسوة خصوصاً مريم إذ القول بنبوّتها مشهور { وطهرك } أي : مسيس الرجال ومما يستقذر من النساء { واصطفاك } ثانياً { على نساء العالمين } بهدايتك وإرسال الملائكة إليك وتخصيصك بالكرامات السنية كالولد من غير أب ولم يكن لأحد من النساء .

فائدة : أفضل نساء العالمين مريم كما في الآية إذ قيل بنبوّتها ثم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خديجة أمّها ثم عائشة ثم آسية امرأة فرعون .

فإن قيل : روى الطبرانيّ : ( خير نساء العالمين مريم بنت عمران ثم خديجة بنت خويلد ثم فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ثم آسية امرأة فرعون ) أجيب : بأنّ خديجة إنما فضلت فاطمة باعتبار الأمومة لا باعتبار السيادة .