فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَٰمَرۡيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصۡطَفَىٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (42)

( وإذ قالت الملائكة ) عطف على إذ قالت امرأة عمران عطفا لقصة البنت على قصة أمها لما بينهما من كمال المناسبة ، وقصة زكريا وقعت فاصلة بينهما لمناسبة ، والمعنى إذ قالت الملائكة مشافهة لها بالكلام . وهذا من باب التربية الروحانية بالتكاليف الشرعية المتعلقة بحال كبرها بعد التربية الجسمانية اللائقة بحال صغرها .

( يا مريم إن الله اصطفاك ) اختارك أولا حيث قبلك من أمك وقبل تحريرك ولم يسبق ذلك لغيرك من الإناث ورباك في حجر زكريا ورزقك من الجنة ( وطهرك ) من مسيس الرجال أو الكفر أو من الذنوب أو من الأدناس على عمومها ، وكانت مريم لا تحيض أي خلقك مطهرة مما للنساء وبه جزم القاضي كالكشاف ، وسيأتي في سورة مريم حاضت قبل حملها بعيسى مرتين .

( واصطفاك ) قيل هذا الاصطفاء الأخير غير الاصطفاء الأول ، فالأول هو أيضا حيث تقبلها بقبول حسن ، والأخير لولادة من غير أب ، واصطفاها أيضا بأن أسمعها كلام الملائكة مشافهة ولم يقع لغيرها ذلك ، وقيل الاصطفاء الآخر تأكيد للاصطفاء الأول والمراد بهما جميعا واحد ( على نساء العالمين ) المراد بهن هنا قيل نساء عالم زمانهم وهو الحق ، وقيل نساء جميع العالم إلى يوم القيامة واختاره الزجاج .