إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَمَنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (94)

{ فَمَنِ افترى عَلَى الله الكذب } أي اختلقه عليه سبحانه بزعمه أنه حرَّم ما ذُكر قبل نزولِ التوراةِ على بني إسرائيلَ و [ على ] مَنْ تقدَّمهم من الأمم { مِن بَعْدِ ذلك } من بعد ما ذُكر من أمرهم بإحضار التوراةِ وتلاوتِها وما ترتب عليه من التبكيت والإلزامِ ، والتقييدُ به للدَلالة على كمال القبحِ { فَأُوْلَئِكَ } إشارةٌ إلى الموصول باعتبار اتصافِه بما في حيز الصلةِ ، والجمعُ باعتبار معناه كما أن الإفراد في الصلة باعتبار لفظِه ، وما فيه من معنى البُعد للإشعار ببُعدِ منزلتِهم في الضلال والطُغيان ، أي فأولئك المُصِرُّون على الافتراء بعد ما ظهرت حقيقةُ الحال وضاقت عليهم حَلْبةُ المُحاجَّة والجدالِ { هُمُ الظالمون } المفْرِطون في الظلم والعُدوان المُبْعِدون فيهما ، والجملةُ مستأنفةٌ لا محلَّ لها من الإعراب مَسوقةٌ من جهته تعالى لبيان كمالِ عُتوِّهم ، وقيل : هي في محل النصبِ داخلةٌ تحت القولِ عطفاً على قوله تعالى : { فَأْتُوا بالتوراة } [ آل عمران : 93 ] .