{ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ } شروعٌ في بيان كفرِهم ببعضٍ آخرَ من شعائر ملتِه عليه السلام إثرَ بيانِ كفرِهم بكون كلِّ المطعومات حِلاًّ له عليه السلام ، رُوي أنهم قالوا : بيتُ المقدس أعظمُ من الكعبة لأنه مُهاجَرُ الأنبياءِ و [ لكونه ] في الأرض المقدسة ، وقال المسلمون : بل الكعبةُ أعظمُ فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فنزلتْ ، أي إن أولَ بيتٍ وُضع للعبادة وجُعِل مُتعبَّداً لهم ، والواضعُ هو الله تعالى ويؤيِّده القراءةُ على البناء للفاعل ، وقوله تعالى : { لَلَّذِى بِبَكَّةَ } خبرٌ لإن وإنما أُخبر بالمعرفة مع كونِ اسمِها نكرةً لتخصُّصها بسببين : الإضافةِ والوصفِ بالجملة بعدها أي لَلْبيتُ الذي ببكةَ أي فيها ، وفي ترك الموصوفِ من التفخيم ما لا يخفي ، وبكةُ لغةٌ في مكةَ ، فإن العربَ تعاقِبُ بين الباء والميم كما في قولهم : ضربةُ لازبٍ ولازم ، والنميطُ والنبيط في اسم موضعٍ بالدَّهناء ، وقولِهم أمرٌ راتبٌ وراتمٌ وسبّد رأسَه وسمّدها وأغبطت الحمى وأغمطت . وهي عَلَم للبلد الحرام من بكّة إذا زحَمه لازدحام الناس فيه . وعن قتادة يُبكُّ الناسُ بعضُهم بعضاً أو لأنها تُبكُّ أعناقَ الجبابرة أي تدُقُّها ، لم يقصِدْها جبارٌ إلا قصمَه الله عز وجل ، وقيل : بكةُ اسمٌ لبطن مكةَ ، وقيل : لموضع البيتِ ، وقيل : للمسجد نفسِه ، ومكةُ اسمٌ للبلد كلِّه وأيَّد هذا بأن التَّباكَّ وهو الازدحامُ إنما يقع عند الطوافِ ، وقيل : مكةُ اسمٌ للمسجد والمطاف ، وبكةٌ اسمٌ للبلد لقوله تعالى : { لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً } . روي أنه عليه السلام سُئل عن أول بيتٍ وضع للناس فقال : «المسجدُ الحرام ثم بيتُ المقدس » وسئل : كم بينهما ؟ فقال : «أربعون سنة » وقيل : أولُ من بناه إبراهيمُ عليه الصلاة والسلام وقيل : آدمُ عليه السلام ، وقد استوفينا ما فيه من الأقاويل في سورة البقرة ، وقيل : أولُ بيتٍ وضعَ بالشرف لا بالزمان { مُبَارَكاً } كثيرَ الخير والنفعِ لِمَا يحصُل لمن حجَّه واعتمره واعتكف فيه وطاف حوله من الثواب وتكفيرِ الذنوب ، وهو حال من المستكنّ في الظرف ، لأن التقديرَ للذي ببكةَ هو ، والعاملُ فيه ما قُدّر في الظرف من فعل الاستقرار { وهدى للعالمين } لأنه قبلتُهم ومُتعبَّدُهم ولأن فيه آياتٍ عجيبةً دالةً على عظيم قدرتِه تعالى وبالغِ حكمتِه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.