إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَٱلشَّيَٰطِينَ كُلَّ بَنَّآءٖ وَغَوَّاصٖ} (37)

{ والشياطين } عطفٌ على الرِّيح { كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ } بدلٌ من الشَّياطينَ { وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصفاد } عطفٌ على كلَّ بنَّاءٍ داخلٌ في حُكمِ البدلِ كأنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ فصَّل الشَّياطينَ إلى عَمَلةٍ استعملهم في الأعمالِ الشَّاقةِ من البناء والغَوص ونحو ذلك وإلى مَرَدةٍ قرن بعضَهم مع بعضٍ في السَّلاسلِ لكفِّهم عن الشرِّ والفسادِ . ولعلَّ أجسامهم شفَّافةٌ فلا تُرى صلبةً فيمكن تقييدُها ويقدرون على الأعمال الصَّعبة وقد جُوِّز أن يكون الإقرانُ في الأصفادِ عبارة عن كفِّهم عن الشُّرورِ بطريق التَّمثيلِ . والصَّفدُ القَيدُ وسُمِّي به العطاءُ لأنَّه يرتبط بالمنعمِ عليه وفرَّقوا بين فعليهما فقالُوا صفَده قيَّده وأصفدَهُ أعطاهُ على عكسِ وَعَد وأَوْعدَ .