إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِلَّا ٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ لَا يَسۡتَطِيعُونَ حِيلَةٗ وَلَا يَهۡتَدُونَ سَبِيلٗا} (98)

{ إِلاَّ المستضعفين } استثناءٌ منقطعٌ لعدم دخولِهم في الموصول وضميرِه والإشارةِ إليه . ومِنْ في قوله تعالى : { مِنَ الرجال والنساء والولدان } متعلقةٌ بمحذوف وقع حالاً من المستضعفين أي كائنين منهم ، وذِكرُ الوِلدان إن أريد بهم المماليكُ أو المراهقون ظاهرٌ ، وأما إن أريد بهم الأطفالُ فللمبالغة في أمر الهجرةِ والإيذانِ بأنها بحيث لو استطاعها غيرُ المكلّفين لوجبت عليهم ، والإشعارِ بأنهم لا محيصَ لهم عنها البتةَ تجب عليهم [ إذا ] بلغوا حتى كأنها واجبةٌ عليهم قبل البلوغِ لو استطاعوا أن يهاجروا بهم متى أمكنت ، وقوله تعالى : { لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً } صفةٌ للمستضعفين فإن ما فيه من اللام ليس للتعريف ، أو حالٌ منه أو من الضمير المستكنِّ فيه ، وقيل : تفسيرٌ لنفس المستضعفين لكثرة وجوهِ الاستضعافِ ، واستطاعةُ الحيلةِ وُجدانُ أسبابِ الهجرةِ ومباديها ، واهتداءُ السبيلِ معرفةُ طريقِ الموضعِ المهاجَرِ إليه بنفسه أو بدليل .