{ وَمَن يُهَاجِرْ في سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ في الأرض مُرَاغَماً كَثِيراً } ترغيبٌ في المهاجَرَة وتأنيسٌ لها أي يجدْ فيها متحوَّلاً ومهاجَراً وإنما عبّر عنه بذلك تأكيداً للترغيب لما فيه من الإشعار بكون ذلك المتحوَّلِ بحيث يصل فيه المهاجرُ من الخير والنعمةِ إلى ما يكون سبباً لرغم أنفِ قومِه الذين هاجرهم ، والرُّغمُ الذلُّ والهوانُ وأصلُه لصوقُ الأنفِ بالرَّغام وهو التراب ، وقيل : يجد فيها طريقاً يراغِمُ بسلوكه قومَه أي يفارقهم على رَغم أنوفِهم { وسعة } أي من الرزق { وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مهاجرا إِلَى الله وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الموت } أي قبل أن يصل إلى المقصِد وإن كان ذلك خراجَ بابِه كما ينبئ عنه إيثارُ الخروجِ من بيته على المهاجَرة ، وهو عطفٌ على فعل الشرطِ وقرئ بالرفع على أنه خبرُ مبتدإٍ محذوفٍ ، وقيل : هو حركةُ الهاءِ نُقلت إلى الكاف على نية الوقفِ ، كما في قوله : [ الرجز ]
من عنزيٍّ سبّني إذ لم أضرِبُه *** عجبتُ والدهرُ كثيرٌ عجبُهْ{[150]}
وقرئ بالنصب على إضمار أنْ كما في قوله : [ الوافر ]
[ سأترك منزلي لبني تميم ] *** وألحقُ بالحجاز فأستريحا{[151]}
{ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ الله } أي ثبت ذلك عنده تعالى ثبوتَ الأمرِ الواجبِ . روي ( أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لما بَعَث بالآيات المتقدمةِ إلى مسلمي مكةَ قال جُندُبُ بنُ ضَمْرةَ لبنيه وكان شيخاً كبيراً : احمِلوني فإني لستُ من المستضعفين وإني لأهتدي الطريقَ والله لا أبيتُ الليلةَ بمكةَ فحمَلوه على سرير متوجِّهاً إلى المدينة فلما بلغ التنعيمَ أشرفَ على الموت فصفق بيمينه على شماله ثم قال : اللهم هذه لك وهذه لرسولك أبايُعك على ما بايعك رسولُك فمات حميداً فبلغ خبرُه أصحابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : لو تُوفيَ بالمدينة لكان أتمَّ أجراً فنزلت . قالوا : كلُّ هجرةٍ في غرض دينيّ من طلبِ علمٍ أو حجّ أو جهادٍ أو نحو ذلك فهي هجرةٌ إلى الله عز وجل وإلى رسوله عليه الصلاة والسلام . { وَكَانَ الله غَفُوراً } مبالِغاً في المغفرة فيغفرُ له ما فَرَط منه من الذنوب التي من جملتها القعودُ عن الهجرة إلى وقت الخروجِ { رَحِيماً } مبالِغاً في الرحمة فيرحَمُه بإتمام ثوابِ هجرتِه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.